“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
تظهّر المناخات الدبلوماسيّة الغربيّة مناخا ملبّدا يتطلّب الحيطة والحذر من لبنان وتحديدا من “حزب الله” لتجنّب حرب إسرائيلية ستتخذ من أيّ خطأ أو اندفاعة متسرّعة ذريعة لشنّ حرب مدمّرة ضدّ لبنان.
انعكست هذه المناخات في الأوساط السياسية اللبنانية الفاعلة، منذ زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون الى الأردن وقد لقي تحذيرا من ملك الأردن قال له فيه: بأن قرار الحرب هو في يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعلى لبنان الحذر. وقد تناقلت هذه الرواية أكثر من شخصية لبنانية في مجالسها الخاصّة.
وتشير المناخات الغربية التي تتظهّر في الصالونات السياسية اللبنانية الواسعة الإطلاع الى وجود 3 خطوط تعمل عليها إسرائيل تتمثل بالتعاون مع سوريا ولبنان ومع روسيا ومع الولايات المتحدة الأميركية.
ثمّة توافق إسرائيلي مع روسيا بإطلاق يد إسرائيل كنشاط عسكري بشكل كامل من درعا وصولا الى الجولان فدمشق، وقد وافقت روسيا معتبرة هذه المنطقة حزاما أمنيا لإسرائيل، حيث يمكنها ضرب أعدائها كما تشاء، ولا يحق لإسرائيل في بقية أنحاء سوريا، إلا بالقيام بغارات على قوافل الأسلحة الخاصة بـ”حزب الله” فحسب، على ألا تتدخل لصدّ أي مجابهة عسكرية بين “حزب الله” ومجموعات مثل “داعش” و”النصرة”.
من جهتها، يبدو بأن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب قد أعطت إسرائيل ضوءا أخضر للتصرّف كما يحلو لها بحسب مصالحها الإستراتيجية. وقد قلب ترامب المعادلة التي وضعها سلفه أوباما لإسرائيل والتي ارتكزت على منعها من القيام بأي خطوة لا تأخذ في الإعتبار الإستراتيجية الأميركية للمنطقة. في حين أفهم ترامب نتنياهو بأن مصالح أميركا مرتبطة بالمصالح الإسرائيلية في سوريا ولبنان.
وتقف إسرائيل حاليا بين حدين: النشاط المقيّد من روسيا وضوء أخضر مطلق من الأميركيين، الى ذلك تفيد إسرائيل من مناخ عربي وخليجي مؤات كونه ضدّ “حزب الله” وإيران.
ترى إسرائيل اليوم بحسب القراءات المرتكزة الى معلومات دبلوماسية غربية بأنها تواجه خطرا وجوديا:
تتوجس إسرائيل من قدرات “حزب الله” العسكرية المتزايدة، وتأسيسه لفيلق القدس في الجولان وهو ما تعتبره تلاعبا بأمنها الإستراتيجي المباشر، بالإضافة الى تهديد أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله باستهداف مفاعل “ديمونا” في أي حرب قادمة، وهنا من المحتمل أن تشجّع الضربة الأميركية ضدّ قاعدة الشعيرات (قرب حمص) وضرب حليفها ترامب عرض الحائط بكل الكلام مع الروس إسرائيل على الإستثمار في الحرب في سوريا ولبنان، وخصوصا وأنه تبين لإسرائيل وبالإختبار العملي أن الروس يخضعون في مكان ما للشروط الإسرائيلية وللتهديدات التي تطلقها إسرائيل بتدمير المرافق السورية في حال أي تعرض لمصالحها الحيوية.
وبالتالي ثمة توجس من الحرب بسبب التخوف الإسرائيلي ومحاولته الضغط على روسيا بسبب أمن إسرائيل والإفادة من الضوء الأخضر الأميركي فضلا عن مناخ عربي غير متعاطف مع محور الممانعة، كل هذه العوامل تسهّل الهجوم الإسرائيلي فضلا عن ” مقلاع داود” و”القبة الحديدية” اللذان باتا يشكلان نوعا من الحماية.
هذا لا يعني أن خوض إسرائيل للحرب بات محتوما، لكن التحليلات والقراءات تتوقع أن يرفع نتنياهو سقف استفزازاته، وأن تزيد إسرائيل من تحليقها فوق لبنان بهدف جرّ ردّ إنفعالي من جانب “حزب الله” ليفتح الحرب، وستعمد الى خلق مناخ إعلامي مؤات يقنع فيه الإسرائيلي الرأي العام الدولي بأنه يواجه مهددي أمن إسرائيل وقد بدأت بوادره تظهر بشكله الأوسع في قضية السلاح الكيميائي،
وستراهن إسرائيل على أي خطأ يقوم به “حزب الله” لكي تتخذ منه ذريعة للحرب التي تعدّ لها العدّة وتنتظر أن تضغط على الزناد.