“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
إفتتح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد في 2 نيسان الجاري من قاعدة “خاتسور” الجوية عن منظومة الدفاع الجوي الصاروخي المتطور “مقلاع داود” القادر على ردّ الصواريخ الإيرانية والسورية الطويلة الأمد قبل وصولها الى أهدافها في إسرائيل هو تغّير إستراتيجي أساسي يدفع صوب ازدياد احتمالات نشوب حرب بين إسرائيل و”حزب الله”، هذا ما ركّز عليه أخيرا المحلل الإستراتيجي الأميركي نيكولاس نو في تقرير كتبه في صحيفة “الإندبنتدنت” حمل عنوان: ” توجّه إسرائيل و”حزب الله” نحو حرب جديدة ومدمّرة في الشرق الأوسط”.
ويقول الكاتب بأن “القبّة الحديدية” الأميركية ستتكفل في حال وقوع الحرب بردّ الصواريخ الأصغر و”الكاتيوشا”، ويشير نو ردّا على أسئلة موقع “مصدر دبلوماسي” الذي ناقشه في تقريره بأنه يتخوّف ” من صيف ساخن ينتظر سوريا ولبنان”، مكررا انطباعه الذي عبّر عنه في تقريره المذكور من أنه لم ير منذ 13 عاما على متابعته هذين العدوين الشرسين (أي إسرائيل و”حزب الله”) هذه الدرجة العالية من القلق لدى النخبة السياسية اللبنانية من أن الحرب تقرع طبولها.
ويشير نيكولاس نو في حديثه الى موقع “مصدر دبلوماسي” الى أنّ:” إسرائيل تصدّق الآن بأن لديها تكنولوجيا رابحة واستراتيجية رابحة، وما قبل الأحد (2 نيسان) تاريخ الإعلان عن ” مقلاع داود” مختلف عمّا بعده وهو قادر الى جانب “القبة الحديدية” على تغطية كل إسرائيل وحمايتها من تساقط الصواريخ من قبل “حزب الله” وإيران”.
يضيف:” إن الإسرائيليين مؤمنون اليوم بأنهم قادرين على حماية بلدهم من “حزب الله” وإيران بشكل تامّ، ويقولون بأنّ “مشروع الضاحية” كما أطلق عليها عام 2006 لم يعد استراتيجية رابحة”.
يضيف نو:” إن ما أردت قوله في تقريري أنّ ” ثمّة أمور كثيرة تبدّلت في الأسبوع الفائت، وبالتالي لنضع جانبا القضية السورية وانسداد أفقها، إن الأمر الرئيسي أن “حزب الله” وإيران يقومان بمشاريعهما في جنوب سوريا، وهذا يشكل خطا أحمر بالنسبة الى الإسرائيليين، وفي الأسابيع الأخيرة شهدنا المزيد من الضربات الجوية وصلت الى 7 ضدّ أهداف لـ”حزب الله” في جنوب سوريا، وهذا هو السبب الذي يفسّر لماذا حظوظ الحرب كبيرة، قبل الأسبوع الفائت كان من الصعب أن تتوجه إسرائيل الى الحرب بالرغم من الضوء الأخضر الذي يعطيه إياها دونالد ترامب، ولأنها كانت محمية جزئيا، ولكن بعد 2 نيسان صارت محميّة كلّيا حتى مفاعل ديمونا”.
لكنّ نو يحذّر أنه بالرغم من أن هذه الحماية كاملة بحسب ما تمّ إعلانه إسرائيليا إلا أن ثمّة خطر من أن “حزب الله” وإيران لا يصدّقان ذلك البتّة، لكنّ الواقع أن السياسيين الإسرائيليين لن يترددوا بعد الآن من التوجه الى الحرب مبررين قرارهم بأن العسكر أخبرهم بأن إسرائيل محمية كليا، وبالتالي فإن أي سوء تقدير للعواقب المحتملة لن يتحملوا عواقبه”.
وتنضمّ منظومة “مقلاع داود” الى تطويرات تكنولوجية سابقة مثل ” القبة الحديدية” و”منظومة السهم”، ولفت بنيامين نتنياهو في حفل الإعلان عنها الى أنّ ” هذه المنظومة تعترض الصواريخ المتوسّطة والبعيدة المدى، وتمّ تطويرها بالشراكة بين الصناعات الحربية الإسرائيلية والأميركية”.
ملخّص تقرير “الإندبندنت”
في ملخّص عن تقرير نيكولاس نو كما ترجمه موقع “مصدر دبلوماسي” نقرأ الآتي:
(…) إن عدم الإستقرار والعنف اللذان يسودان في الشرق الأوسط يقوّضان العنصر الرئيسي الذي يمنع إسرائيل و”حزب الله” من تجاوز الخطوط الحمر الخاصة بكلّ منهما وهو الخوف أو توازن الرعب المرتكز على اعتقاد بأن الصراع المقبل سيكون مدمّرا للطرفين.
ويقول الكاتب أنه عندما ستندلع الحرب القادمة فإن إسرائيل لن تكون في وضع الدفاع ضدّ سلاح “حزب الله” الرئيسي أي الصواريخ التي سيطلقها ضدّ أهدافها العسكرية والمدنية، بل إنها ستستخدم أيضا قصفا لن يردعه شيء، ضدّ كل البنى التحتية اللبنانية وضدّ البيئة اللبنانية الداعمة لـ”حزب الله” لتتأكد من أن جميع المواطنين اللبنانيين سوف ينقلبون ضدّ “حزب الله”.
ويقول الكاتب الأميركي بأنّ “حزب الله” وحلفاءه لا يصدّقون هذا الأمر ويعتقدون بأن إسرائيل على خطأ، وأن قصفا للبنانيين سوف يؤدي الى احتمال كبير بنشوء تضامن أكبر بين اللبنانيين عوض أن يؤدي الى مواجهة بين المجموعات اللبنانية. ويقول نو بأن “حزب الله” ليس منظمة التحرير الفلسطينية التي طردت من لبنان عام 1982 إبان الإجتياح الإسرائيلي ، بل هو حزب لبناني متجذّر ويحظى بدعم كبير في البلاد، ويقول نو بأن أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله حذر دوما بأن مؤيديه وخصوصا من الطائفة الشيعية لن يستقلوا باخرة للإنتقال الى تونس كما فعل زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات لأنهم سيصمدون في أرضهم ويقاتلون في بلدهم.
ويقول نو بأن “حزب الله” وشريكته الرئيسية إيران يعتقدون بأن المرافق النووية الإسرائيلية وأيضا النظام الدفاعي الصاروخي الجديد غير محصنة ويمكن التغلب عليها.
وأخيرا يقول الكاتب بأنه كما أن الزعماء الإسرائيليين واثقين بأن المجموعات اللبنانية سوف تنقلب بسرعة ضدّ “حزب الله” إذا قصف لبنان بقوّة، فإن الأمر سيّان بالنسبة الى أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله ومسؤولين رئيسيين آخرين قابلهم _نيكولاس نو- في الأعوام الأخيرة يعتقدون بأن إسرائيل صارت شعبا “ناعما” يحميه “جيش ناعم” ولن يكون قادرا على التحمّل الجماعي للقصف الآتي من “حزب الله” برّا وبحرا.
بنية تحتية لـ”حزب الله” في جنوب سوريا
ويشير الكاتب الى أن المشكلة الرئيسية تكمن في أن “حزب الله” وإيران يستمرّان في إنشاء بنية تحتية عسكرية تحت الأرض في جنوب سوريا، وهم يتابعون بنجاح ريادتهم ضدّ الإسرائيليين في جنوب لبنان وفي أجزاء أخرى من لبنان وفي سوريا، وقد بات الإسرائيليون يعتبرون هذه الأعمال خطا أحمر وجوديا.
ويلفت نو الى أن وتيرة ونطاق الضربات الإسرائيلية قد توسّعت في الأسابيع والأشهر الأخيرة، في الوقت عينه فإن الحكومة السورية و”حزب الله” وإيران أوضحوا بأن التفويض المطلق الذي تظنه إسرائيل بشن غارات في أجواء لبنان وسوريا سوف يقود الى قوّة مضادّة لمواجهته.
ويخلص الى القول أنه بما أنّ هذه الديناميات تسير على عجل، فإنّ “حزب الله” وإسرائيل سوف يتذرّعان بأنهما يتصرّفان بطريقة دفاعية في حال اندلاع صراع في سوريا أو لبنان.
من جهة أخرى، سوف تقول إسرائيل بأنها أرغمت على ردّ تهديد إرهابي متنام عند حدودها في حين أن “حزب الله” وحلفاءه سيقولون بأنهم ردّوا هجوما عدوانيا وغير شرعي بغية الحفاظ على توازن الرّعب.
ويختم الكاتب بالقول بأنّ إيران و”حزب الله” لديهما بعض الحق بالتوجس من أن إدارة دونالد ترامب وروسيا وسوريا قد تتوصل الى الى اتفاق ملائم في سوريا بعيدا من الثنائي الشيعي. ويقول بأنّ محاولة تهميش إيران و”حزب الله” في سوريا سوف تؤدي على الأرجح الى حرب أوسع (…).
ويذكر الكاتب بإصطفاف إدارة الرئيس دونالد ترامب الى جانب إسرائيل ووقوفها ضدّ الإتفاق النووي الذي رعته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عام 2015، ويقول بأن رفع القيود الأميركية عن إسرائيل كاف لوحده لإضعاف توازن الرّعب الذي كان سائد (…).