“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
تبدأ القمّة العربية أعمال الدورة العادية الـ28 غدا الأربعاء في منطقة البحر الميت في جنوب غرب العاصمة الأردنية عمان بحضور 16 من الرؤساء والملوك والأمراء العرب وغياب 6 رؤساء، ويحضر لبنان ممثلا بوفد يضمّ رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري.
وقال الحريري قبيل مغادرته بأن ” مشاركة لبنان في القمّة العربية بوفد موحّد يعكس مدى التفاهم بينه وبين رئيس الجمهورية”.
إلا أن كلام الحريري يحتاج الى مزيد من التعمّق، ومن الواضح بحسب المعطيات بأن فكرة “الوفد الموحّد” جاءت بعد طلب عون من الحريري أن يرافقه الى القمّة، وذلك لإظهار أن لبنان بلد موحّد في سياسته الخارجية أمام الدول العربية والخليجية خصوصا والتي امتعضت من تصريحات رئيس الجمهورية التي أدلى بها لمحطة “سي بي سي” المصرية قبل فترة والتي أعطى فيها شرعية لسلاح “حزب الله” كونه سلاح للمقاومة مشيرا الى دوره المكّمل لسلاح الجيش اللبناني، في حين أن كلام الحريري الأخير في مصر جاء مناقضا لكلام رئيس الجمهورية في أوجه عدّة ما يشير بوضوح أنه لا توجد وحدة موقف لبناني حيال السياسة الخارجية تجاه ملفات أساسية أبرزها سوريا والعلاقة مع إيران.
ويبدو بأن “الوحدة اللبنانية” المستجدّة ترتكز فعليا الى وجود مصالح مشتركة لدى الرئيسين أبرزها حاجة كلّ منهما الى إبراز نجاحه في الملفات الداخلية، ولا يريد العهد أن تشكّل السياسة الخارجية اللبنانية في بداياته نقطة ضعف له، وخصوصا مع الهزال الذي يعاني منه الإقتصاد اللبناني والعراقيل التي تواجه إقرار ملفات أساسية منها سلسلة الرتب والرواتب وإقرار الموازنة بشق النّفس.
وإذا كانت الوحدة اللبنانية مصطنعة فعليا، فإن القبول العربي والخليجي ببند التضامن مع لبنان والذي كان معرّضا للرفض من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين يجيء مصطنعا بدوره لأسباب جوهرية تخصّ المشهد العربي .
واللافت مسارعة وزارة الخارجية اللبنانية أمس الى إصدار بيان “تهلّل” فيه للجهود التي بذلها وزير الخارجية جبران باسيل لإقناع العرب بالقبول ببند التضامن مع لبنان والذي ظهرت بوادره أمس في الإجتماع التمهيدي لوزراء الخارجية العرب.
ويبدو التعليل الوحيد لهذا القبول الخليجي ببند التضامن مع لبنان –إن حصل فعليا- يعود بحسب مصدر خليجي واسع الإطلاع قال لموقع “مصدر دبلوماسي” بأنّ “المطلوب خليجيا أن تكون القمّة العربية الـ 28 من أنجح القمم وتحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق العربي تكريما وتقديرا للأردن من جهة، ولإظهار موقف عربي خليجي متين وموحّد ضدّ التدخلات الإيرانية في المنطقة وخصوصا بحضور مندوبين اثنين عن الولايات المتحدة الأميركية وروسيا”.
ويلفت المصدر الخليجي:” لن تسيء الدول العربية الى هدفها الأساس وهو جبه إيران، ولن تعمد الى إظهار موقف عربي ضعيف بغية تسجيل موقف ضدّ سياسة لبنان الخارجية التي تعتبرها الدول العربية والخليجية خصوصا غير متوافقة مع موقع لبنان ودوره العربي”.
كيف يمكن أن يعبّر لبنان عن موقف رسمي موحّد وخصوصا في ظلّ الإنقسام السائد فيه حيال ملفات عدّة ابرزها إيران ودور “حزب الله” في سوريا والملف السوري برمّته؟
تقول أوساط سياسية لبنانية واسعة الإطلاع لموقع “مصدر دبلوماسي” بأنّ “الملهمين” الإثنين للموقف اللبناني الذي سيعبّر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في خطابه أمام الرؤساء والملوك العرب هما خطاب القسم والبيان الوزاري.
وتذكّر الأوساط خصوصا بما ورد في البيان الوزاري الذي أجمعت عليه كل القوى السياسية اللبنانية ولا سيما الفقرة الآتية:”إن الحكومة تلتزم بما جاء في خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أن لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النار المشتعلة حوله في المنطقة بفضل وحدة موقف الشعب اللبناني وتمسّكه بسلمه الأهلي. من هنا ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي حفاظاً على الوطن ساحة سلام واستقرار وتلاق.
وستواصل الحكومة بالطبع تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة والتأكيد على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في إطار الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية كما تؤكد على التزامها بالمواثيق والقرارات الدولية كافة بما فيها قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 وعلى استمرار الدعم لقوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان.
أما في الصراع مع العدو الإسرائيلي فإننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية وذلك استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزراع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة”.