“مصدر دبلوماسي”
استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء في قصر الاتحادية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في حضور رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل، وتناول اللقاء الذي استمر ساعة كاملة وحضر جانبا منه الوفد الوزاري المرافق ، آخر المستجدات العربية والدولية والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تقويتها وتطويرها في مختلف المجالات.
بعد اللقاء تحدث الرئيس الحريري للصحافيين وقال: شرفني سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي باستقبالي والوفد الوزاري هذا الصباح وقد أجرينا جولة مباحثات ممتازة كالعادة.
إن اللقاء مع سيادة الرئيس السيسي مفيد دائما لما لديه من رؤية شاملة لأوضاع المنطقة ولما يتمتع به من علاقات دولية على أعلى المستويات. ونحن في لبنان نعلق أهمية كبيرة على دور مصر المحوري على الساحتين العربية والإسلامية، وقد قلت لسيادته أننا في لبنان ومصر نواجه تحديات مشتركة ومن الضروري أن نحشد لها الطاقات المشتركة التي تجمع بين بلدينا كذلك.
في بلدينا نماذج للاعتدال والعيش المشترك بين الأديان والطوائف، وهي باتت حاجة للعديد من دول المنطقة، لا بل العالم. قبل المعالجات الأمنية والسياسية، إن الاعتدال وبث روح الاعتدال هما الوسيلة الوحيدة لمواجهة التطرف والإرهاب، خاصة ذلك الذي تمارسه فئة ضالة تتستر باسم الدين الإسلامي الحنيف لتضرب القيم الحقيقية للإسلام كما كل القيم الإنسانية.
لقد بحثنا مع فخامة الرئيس أولا بقضية العرب المركزية، وبالطبع بحثنا بالأزمة في سوريا وهي أزمة لها تداعيات كثيرة على الوضع في لبنان خاصة لجهة استضافتنا مليون ونصف المليون من إخواننا النازحين السوريين مع ما يمثل ذلك من ضغط على البنية التحتية والاقتصاد. كما أفردنا حيزا كبيرا للعلاقات الثنائية بين بلدينا، خصوصا وأننا سنعقد غدا، هنا في القاهرة، أول اجتماع للجنة العليا اللبنانية المصرية، بعد انقطاع دام سبع سنوات. ونحن نتطلع لقرارات تفيد الاقتصاد والنمو والتبادل التجاري في البلدين.
ودار الحوار الآتي بين الحريري والصحافيين:
يتزايد مؤخرا الحديث عن تهديدات إسرائيلية للبنان، وبالأمس تحدث الرئيس نبيه بري عن مزارع شبعا مائية، فكيف ستواجهون كحكومة وكعهد جديد هذه التهديدات؟ وهل يفيد استمرار الحديث عن سلاح “حزب الله” في هذا التوقيت بالذات؟
أجاب: لا دخل لهذا الموضوع بذاك. تهديدات إسرائيل قائمة ضدّ لبنان، وأنا سبق أن قلت كلاما واضحا في هذا الشأن، فنحن نبلّغ الأمم المتحدة بكل تهديد نتلقاه، ونحاول أن نعالجه بالطرق الدولية عن طريق المجتمع الدولي، وهذا الموضوع طرحته أيضا مع سيادة الرئيس السيسي، وتحدثت عن اللهجة الإسرائيلية المتصاعدة في تهديد لبنان، وهو بدوره سيجري اتصالاته في هذا الشأن.
هل أعطى الرئيس السيسي الضوء الأخضر للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية مع لبنان إلى المستوى الذي كانت عليه في السابق؟
أجاب: نعم، لا شك أن الرئيس السيسي كان حريصا على العلاقات الاقتصادية، وهو أعطى توجيهات لكي يكون هناك انفتاح أكبر بكثير مما هو عليه اليوم العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
لبنان سيشارك في القمة العربية بوفد واحد، لكن هل سيكون الخطاب واحدا؟ هل سيكون لدى الرئيس الحريري إحراج إذا طرح مشروع ضد إيران؟ وفي اجتماع المندوبين التحضيري للقمة العربية، لم يتضامن كل العرب مع لبنان في البند المتعلق به، وهذه سابقة، فما سيكون عليه موقف لبنان؟
أجاب: لماذا تستبقون الأمور، لماذا تصوروننا وكأن العالم في مواجهتنا. العلاقة بيننا وبين العرب جيدة ، الحمد لله الرئيس ميشال عون زار دول الخليج والعلاقة باتت أفضل بكثير.
ولكن العلاقة عادت وتدهورت بعد كلامه في مصر؟
أجاب: ليست كلمة واحدة كفيلة بتدهور العلاقات بين الدول، لنرتقي إلى مستوى لا تكون فيه “كلمة بتاخدنا وكلمة بتجيبنا”. سنذهب إلى القمة، فخامة الرئيس وأنا، وستكون هناك كلمة لفخامته، وهي ستكون إن شاء الله كلمة تمثل لبنان والطموح اللبناني وطموح اللبنانيين. علينا أن لا نأخذ الأمور إلى مكان لن نصل إليه، لنهدأ قليلا وسترون أن الأمور ستكون بخير.
العديد يتساءلون لماذا بدأت زياراتك العربية بمصر ولم تزر بعد المملكة العربية السعودية؟
أجاب: إن شاء الله سأزور السعودية، وأنا أحب حين يشككون، فليشككوا قدر ما يشاؤون، العلاقات بيننا ممتازة، وسيرونني في المملكة قريبا. أعرف أن الإعلام في لبنان وغيره يحاول التشكيك، لكني زرت مصر لأنه قبل حتى أن أكون رئيسا للوزراء كان يجب أن آتي إلى هنا، وأنتم ترون جدول أعمالي الحافل في لبنان، من الموازنة وغيرها، وصودف أني زرت مصر أولا، وليس هناك أي سبب آخر
في قانون الانتخاب دخلنا في مرحلة المهل الضيقة والجميع الآن مسافر، فما الذي سيحصل؟
أجاب: غدا سأعود إلى لبنان وسنجتمع، نحن نناقش القانون بكل إيجابية، وسترون أن القانون سيكون كما يريده اللبنانيون.
بأي صيغة؟
أجاب: كما يريده اللبنانيون.
في حديثك مع صحيفة “الأهرام” المصرية قلت أن الظرف غير مؤات للقائك مع السيد حسن نصر الله، فلماذا؟
أجاب: تعلمون أننا الآن في مرحلة بناء هذه العلاقة، ونحن نرى أن الأمور ستسير بشكل جيد جدا في الحكومة بيننا وبين كل الأطراف السياسية، داخل الحكومة وفي مجلس النواب، فلنبن على الإيجابيات ولنترك الأمور للنتائج. لماذا نستبق الأمور. تعرفون موقفي فيما خص الحوار، ففي مرحلة كان فيها الجميع ضد الحوار مع “حزب الله”، كنت أنا مصرا على الحوار معه، لأني كنت أرى في ذلك مصلحة لبنان، لذلك “كل شيء في وقته جيد”.
هل تتوقعون عودة الدور العربي القوي لمصر؟
أجاب: نحن كعرب يجب أن نتعافى ويجب أن نركز على اقتصاداتنا. الرئيس السيسي يرفع اليوم شعار “مصر أولا”، البعض انتقدني حين رفعت شعار “لبنان أولا”، ولكني أقول أننا كلما كنا أقوى من الداخل نستطيع أن نقوم بأشياء أخرى في الخارج. مصر اليوم تعمل على تطوير نفسها واقتصادها و كل ما يتعلق بحسين مستوى معيشة المواطن المصري، وهذا حقهم وواجبهم وهو ما يجب أن يحصل، ولم يكن يحصل لفترات طويلة.
كذلك فان الحكومة اللبنانية تركز اليوم على استعادة ثقة الناس، فاللبنانيون يعانون الكثير من امور الفساد والهدر التي استشرت خاصة في مرحلة الفراغ الذي حصل في لبنان، ونحن يجب علينا أن نحارب هذه الأمور. وفي الوقت نفسه علينا أن ننظر إلى المواطن اللبناني ونضعه كأولوية. فأنا رئيس وزراء لبنان، والرئيس اللبناني هو رئيس جمهورية لبنان، وواجبنا خدمة اللبنانيين أولا وأخيرا. فكما يعتبر الرئيس السيسي المواطن المصري هو الرقم واحد بالنسبة إليه، ونحن يجب ان نقوي أنفسنا في الداخل ونضع المواطن اللبناني اولويتنا. وحين تتعافى مصر إن شاء الله ونحن كذلك، تصبح لدينا قوة عربية.
من جهة ثانية، زار الحريري والوفد الوزاري المرافق الكاتدرائية المرقصية في القاهرة حيث كان في استقباله بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية البابا تواضرس الثاني في حضور وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر الدين ورؤساء الأبرشيات و تخلل اللقاء احاديث تناولت اهمية الاعتدال وتقوية العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين.
ثم زار الحريري مشيخة الأزهر، حيث استقبله شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد الطيب، في حضور أعضاء الوفد اللبناني المرافق والوزيرة نصر الدين ووكيل الأزهر الدكتور عباس شومان.
بعد الاجتماع تحدث الرئيس الحريري فقال: اردت ان ازور شيخ الازهر لاهنئ سماحته على المبادرات التي يقوم بها وخاصة المؤتمر الاخير الذي ركز على المواطنة والعيش المشترك وهو ايضا ما نعيشه في لبنان، اي التركيز على المواطن العربي اينما وجد في لبنان او مصر بغض النظر عن دينه او ايمانه. المهم هو الوطن الذي يعيش فيه المواطن واحترام الراي الاخر هو امر اساسي لبناء الاوطان والاجيال.
وقد جئت لاؤكد ولاشجع هذه المواقف خاصة وان الجميع يعرف موقفنا فيما يتعلق بالاعتدال الاسلامي وما نراه في الازهر هو المنهج الذي نريد فعلا ان يتم اتباعه في العالمين الاسلامي والعربي.
سئل: هل هناك تنسيق بين المرجعيات السّنية اللبنانية والمصرية لمكافحة التطرف؟
اجاب: ان شاء الله وبرايي هذا الامر ضروري وهو ما يحصل حاليا وان شاء الله يتعزز.