“مصدر دبلوماسي” مارلين خليفة:
يتوطّد التعاون حول مكافحة الإرهاب بين لبنان و”الإتحاد الأوروبي” منذ عام 2015 وقد انعقدت مطلع الشهر الجاري إجتماعات في وزارة الخارجية والمغتربين ضمت خبراء من الاتحاد الأوروبي وممثلين عن الأجهزة الأمنية اللبنانية ومجلس النواب ومختلف الوزارات المعنية والمجتمع المدني بحثوا أدوات جديدة تشلّ الأعمال الإرهابية قبل حدوثها وخصوصا من الناحية المخابراتية.
وتكشف سفيرة الإتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسّن في حوار خاص مع موقع “مصدر دبلوماسي” بأنّه إثر الإجتماعات المذكورة تم تشكيل فريق عمل لبناني لوضع خطة إستراتيجية لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي.
وقالت لاسّن أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تتلقى تدريبات مكثفة من منظمات أوروبية أبرزها: “الوكالة الأوروبية للتدريب على إنفاذ القانون” (سيبول)، فضلاً عن شركاء آخرين كـ”المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة” و”أكتيس” ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وكشفت لاسّن في حوارها مع “مصدر دبلوماسي” بأنّه وفي إطار برنامج “الإدارة المتكاملة للحدود” قدّم الاتحاد الأوروبي للأمن العام اللبناني نظاماً معلوماتياً متكاملاً يسمح بالمعالجة المركزية لكل بيانات الأشخاص الداخلين إلى البلاد والخارجين منها، بغض النظر عن النقطة الحدودية التي عبروا منها (معبر بري أو بحري أو عبر المطار). وتُعرف هذه الأداة الجديدة بـ”نظام بيانات الحدود” التي تقارب تكلفتها الثلاثة ملايين يورو.
وقالت بأنّ إدارة الحدود ستبقى بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء هدفاً طويل الأمد، ليس أقلّه بسبب استمرار الأزمة في سوريا ونشاط المجموعات الموالية لجبهة “النصرة “وتنظيم داعش على الحدود الشرقية.
وتطرّقت في حوارها الى إجتماع بروكسل في 5 نيسان القادم حول سوريا والمخصص لمتابعة نتائج مؤتمر لندن حول دعم سوريا والمنطقة الذي عُقد في العام الماضي، وأشارت الى أنه يبحث سبل التعاون مع الحكومة اللبنانية للإسهام في تحمّل عبء النازحين.
في ما يأتي نصّ الحوار:
- ماذا عن مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي نظمه الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع وزارة الخارجية في لبنان؟
يستجيب المؤتمر حول الإرهاب للتعهدات التي قطعها الاتحاد الأوروبي ولبنان في إطار حوارهما السياسي حول المسائل الأمنية، والذي انطلق في عام 2015 وتبعه اعتماد خارطة طريق في كانون الثاني 2016. وتضمنت هذه الوثيقة من بين أولويات الالتزام للطرفين في إطار التعاون الأمني وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب. ونُظم مؤتمر مكافحة الإرهاب في 2 آذار الجاري على إثر خلوة امتدت لأربعة أيام من العمل المشترك بين خبراء من الاتحاد الأوروبي وممثلين عن الأجهزة الأمنية اللبنانية ومجلس النواب ومختلف الوزارات المعنية والمجتمع المدني. ومن نقاط القوة لهذين الحدثين اللذين تُوّجا في 2 آذار مباشرة السلطات اللبنانية بتشكيل فريق عمل لبناني سيضع “استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب” ستتم إحالتها إلى السلطات اللبنانية لاعتمادها.
- لبنان هو البلد الأول الذي التزم بالسياسة الأوروبية الجديدة للجوار كيف يُترجم هذا التعاون في مجال مكافحة الإرهاب؟
يتعاون الاتحاد الأوروبي ولبنان في المجال الأمني وفي مكافحة الإرهاب بصورة خاصة من خلال أنشطة مختلفة تلحظ تحديداً تدريباً على كشف تزوير الوثائق، ودورات توعية على “الإنترنت” والقواعد الخاصة بالسلائف الكيميائية.
وتتولى تقديم هذه الدورات بشكل أساسي” الوكالة الأوروبية للتدريب على إنفاذ القانون” (سيبول)، فضلاً عن شركاء آخرين كـ”المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة” و”أكتيس” و”مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة”. وبالنسبة إلى المعدات، وفي إطار برنامج “الإدارة المتكاملة للحدود”، قدم الاتحاد الأوروبي للأمن العام نظاماً معلوماتياً متكاملاً يسمح بالمعالجة المركزية لكل بيانات الأشخاص الداخلين إلى البلاد والخارجين منها، بغض النظر عن النقطة الحدودية التي عبروا منها (معبر بري أو بحري، أو عبر المطار). وتُعرف هذه الأداة الجديدة بـ”نظام بيانات الحدود” التي تقارب تكلفتها الثلاثة ملايين يورو.
- كيف يساعد الاتحاد الأوروبي لبنان على مراقبة حدوده خصوصاً مع سوريا؟
ستبقى إدارة الحدود بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء هدفاً طويل الأمد، ليس أقلّه بسبب استمرار الأزمة في سوريا ونشاط المجموعات الموالية لجبهة “النصرة “وتنظيم داعش على الحدود الشرقية.
ويركز دعم الاتحاد الأوروبي الذي يستكمله عمل الدول الأعضاء في مجال الدفاع عن الحدود على الدعم المؤسسي للأجهزة المختصة. ومنذ عام 2012، وفر الاتحاد الأوروبي 13.6 مليون يورو لدعم الإدارة المتكاملة للحدود بهدف تطوير آلية وطنية ودولية للتنسيق والتعاون بين كل السلطات والأجهزة المعنية بإدارة الحدود، وخصوصاً الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام والجمارك والمديرية العامة للدفاع المدني.
وتغطي الإدارة المتكاملة للحدود مجموعة متنوعة من المجالات على غرار تدفقات الهجرة، وتسهيل التجارة ومكافحة الجريمة المنظمة. ولا تسمح مقاربة شاملة من هذا القبيل بتحديد المشتبهين المحتملين على الحدود فحسب، بل تسمح أيضاً بإجراءات تخليص أسرع للعابرين والسلع، وهو عنصر أساسي للتجارة والتنمية الاقتصادية.
وبهدف ضمان استدامة العملية في المدى الطويل، سمح البرنامج بتصميم استراتيجية للإدارة المتكاملة للحدود (وخطة عمل ذات صلة) يتعين على الحكومة المصادقة عليها. وجرى توفير الأموال لتركيب نظام فاعل للإدارة التكنولوجية للحدود لتسهيل التنقلات المنتظمة للأشخاص ومنع حركة العابرين بصورة غير مشروعة. وجرى تقديم تدريب متخصص على غرار كشف الوثائق المزورة، وتم إعداد خطط طوارئ للحالات الطارئة للحدود البرية، على أساس أفضل التجارب الأوروبية.
كما حصلت الأجهزة الأمنية اللبنانية على معدات بقيمة مليون يورو ستسمح بعمل أكثر دقة وستساهم في الوقت نفسه في تسهيل حركة المسافرين والشحن.
- ماذا عن إنشاء مناطق آمنة في سوريا للاجئين السوريين؟
كما قالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغريني في عدة مناسبات، “إن العمل الأساسي لنا هو ضمان إيجاد حل سياسي، وأن يكون من الممكن المباشرة بتحول سياسي، أي أن يتمكن نظام حكم يضم مختلف الأطراف من الانطلاق في سوريا، حتى يتمكن كل سوري داخل سوريا وخارجها، سواء كان في لبنان أو أوروبا أو الولايات المتحدة من العودة إلى بيته وهو يشعر بأن سوريا هي مكانه وبلده وأن لديه مكاناً في النظام”.
لذلك تتمحور جهودنا حول دعم الجانب الإنساني داخل سوريا وخارجها، والبحث عن حل سياسي يضمن تمكن كل سوري من أن يكون له مكان في بلده.
كما نشدد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي سوري للأزمة السورية لا يرتكز على شيء محدد من الخارج بل على القرار الذاتي للشعب السوري بجميع أطيافه، بمن فيهم اللاجئون والمعارضة، وهو أمر يمكن أن تسهله الأسرة الدولية”.
- عند زيارة الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغريني للبنان، أعادت تأكيد دعم الاتحاد الأوروبي للبنان وناقشت خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري التعاون في مجالين هما استضافة اللاجئين السوريين في لبنان والاستثمارات لإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد في البلاد، فما الجديد على هذين المسارين؟
بدأنا بالعمل معاً على تنفيذ الأولويات التي اتفق عليها الاتحاد الأوروبي والحكومة اللبنانية في العام الماضي، أي ما يُعرف بأولويات الشراكة. وهي جزء من حزمة استراتيجية تتضمن التزامات من الجانبين للتطرق بصورة خاصة إلى تحديات على غرار أزمة اللاجئين والنمو الاقتصادي.
ومنذ بداية الأزمة السورية، خصص الاتحاد الأوروبي مساعدات للبنان بقيمة 1.1 مليار يورو، من بينها للاجئين من سوريا والمجتمعات المضيفة المعوزة. ومن أصل هذا المبلغ، جرى تخصيص 360 مليون يورو في عام 2016 وحده. وتُضاف إلى هذا المبلغ المساهمات الثنائية الكبيرة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مما يرفع قيمة الدعم الإجمالية للبنان إلى أكثر من ملياري يورو. وعليه فإن الاتحاد الأوروبي يفي بالتزاماته التي قطعها في مؤتمر لندن.
وفي نيسان المقبل، سنجتمع في بروكسل لمتابعة نتائج مؤتمر لندن حول دعم سوريا والمنطقة الذي عُقد في العام الماضي. وسنرى بالتعاون مع الحكومة اللبنانية ما يمكن تحقيقه وكيف يمكننا دعم البلاد أكثر لتحمل عبء النازحين.
وبالنسبة إلى النمو الاقتصادي، نحن منخرطون في حوار بناء مع لبنان حول كيفية دعم تنمية الاقتصاد اللبناني. وتكتسب التجارة أهمية خاصة هنا. والاتحاد الأوروبي مستعد لمناقشة مشكلات دخول السوق التي يواجهها لبنان معه. لذلك سنعقد الأسبوع المقبل اجتماعاً لمجموعة العمل المشتركة لشؤون التجارة. وتقضي الغاية بالتحلي بالبراغماتية ومعالجة كل مشكلات التجارة ذات الصلة والعقبات التي تمنع لبنان من انتهاز الفرص الناجمة عن الترتيبات التفضيلية لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ولبنان.