“مصدر دبلوماسي”
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشره الثلاثاء في 7 شباط 2017 موقع لبنان 24 لكاتبته مارلين خليفة على الرابط الآتي:
http://www.lebanon24.com/articles/1486448181170333500/
تعتبر زيارة وزير الدوّلة لشؤون الخليج ثامر السبهان الى بيروت أمس كموفد ملكي خاص من الملك سلمان بن عبد العزيز أولى الثمار العملية لزيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مطلع السنة الجارية الى المملكة العربية السعودية، وإشارة سعودية لا تحتمل التأويل على الرغبة بإعادة الثقة بلبنان العربي بالرّغم من الحرائق المحيطة وصراع النفوذ المحتدم بين السعودية وإيران.
وقد زار السبهان لبنان كما هو معروف قبيل أيام من انتخاب عون رئيسا، وشكّلت زيارته عاملا مساهما في تنفيس احتقان شريحة واسعة من اللبنانيين ضدّ عون، وعاملا مسهّلا لمهمّة الحريري وهو صاحب المبادرة الأصيلة في القبول بعون رئيسا.
وبعيدا من الترجمات الآنية والحديث عن الهبة السعودية للجيش التي لا يزال الغموض يعتري الآلية التي سوف تعيد تحريكها، فإن السبهان أعلن أمورا مهمة بعد لقائه عون: تعيين سفير جديد وعودة ثقة السياحة الخليجية الى لبنان وتكثيف الرحلات الجوية للخطوط السعودية الذي يصبّ في خانة التحول الثاني.
وفي قراءة سعودية متابعة للشأن اللبناني، فإن المملكة العربية السعودية تفتتح حاليا مرحلة جديدة من العلاقات السعودية- اللبنانية التي تعود الى عصرها الذهبي الذي كان سائدا قبل انعقاد اتفاق الطائف وخلاله، والتي تخللتها طلعات ونزلات إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في شباط 2005، ثمّ الخروج السوري من لبنان وتمدّد النفوذ الإيراني الذي أعيد إليه التوازن حاليا بحسب القراءة السعودية.
وسيشكّل الشهران المقبلان بداية مرحلة جديدة للعلاقات بين البلدين ظهرت تباشيرها بشكل كبير من خلال الأنشطة التي نظمها القائم بالأعمال السعودي في لبنان المستشار وليد البخاري ولعلّ أبرزها إفتتاح مركز الأعمال اللبناني السعودي.
ولعلّ ما شجّع السعودية على العودة بالإضافة الى زيارة عون، مؤشرات إقليمية أراحت المملكة سواء في سوريا أو اليمن، وايضا في بروز عهد رئاسي أميركي جديد لا يصطفّ الى جانب إيران، ما جعل السعودية تتنفّس الصعداء بانتهاء عهد الرئيس باراك أوباما الذي أبرم الإتفاق النووي مع طهران، في حين أن دونالد ترامب الجمهوري لا يثير هذه النقزة في الملف الأكثر حيوية بالنسبة الى السعودية وهو ملف الصراع مع إيران.
وبرأي قراءة سعودية أن ثمة رؤية إقليمية ودولية جديدة تقضي بخروج إيران من المعادلة الإقليمية أقلّه في بعدها الصراعي المذهبي، وهنالك قرار بعدم جواز زيادة منسوب الصراع السنّي الشيعي لا سيما حول لبنان، وقد بدأت هذه المرحلة إثر التوافق السعودي اللبناني –بحسب تعبير القراءة السعودية- على انتخاب رئيسا توافقيا قام بزيارته الرسمية الأولى الى المملكة العربية السعودية، وقد أفضت لقاءاته لا سيما مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ومع وزير الخارجية عادل الجبير الى “قرار مبرم” بضرورة العودة السعودية الجذرية الى لبنان في ملفين بارزين: الإقتصاد والدبلوماسية اللذين كانا لبنة الزيارة الرئاسية وقد يتبعهما تعاون عسكري وأمني لم تتضح معالمه بعد.
المهمّ بأن القيادة السعودية الحالية اتخذت قرارا حاسما لا رجوع عنه بطيّ صفحة الماضي القريب والإنطلاق في علاقة جذرية وحقيقية تستلهم العصر الذهبي بين البلدين، والبدء بعلاقات متينة لكن مختلفة بمقارباتها التي ستتظهر قريبا جدّا في الزيارات المتبادلة على أكثر من مستوى.
مارلين خليفة