“مصدر دبلوماسي”
اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان النضال من اجل حرية لبنان وسيادته واستقلاله الذي انطلق في العام 1988 مستمر اليوم في مجالات اخرى وذلك في سبيل تحقيق دولة العدالة والمساواة والشفافية، مؤكداً انه بعد 28 سنة انتصر الحق والحقيقة.
واعتبر عون ان اطفاء الحريق في الشرق الاوسط يجب ان يكون في مصدره والا انتشر في العالم وطلائعه بادية.
كلام عون جاء خلال استقباله وفدا فرنسيا ضمّ نوابا وسياسيين وديبلوماسيين واعلاميين كان سبق لهم ان زاروا لبنان خلال العامين 1989 و1990 للتضامن مع اللبنانيين الذين كانوا يؤمون “بيت الشعب” في بعبدا دعما للحكومة التي كان يرأسها انذاك العماد ميشال عون، وتأييدا للمواقف التي اتخذها تحقيقا لسيادة لبنان واستقلاله. وقد وضعت الزيارة اليوم تحت عنوان “الوفاء والالتزام والتضامن”.
وكان الوفد قد وصل الى القصر الجمهوري برفقة النائب سيمون ابي رميا حيث استقبله الرئيس عون في قاعة 25 ايار بحضور عقيلته السيدة ناديا وكريماتهما ميراي الهاشم وكلودين روكز وشانتال باسيل وقد صافحهم فردا فردا بتأثر شديد قبل ان يتحدث باسم الوفد كل من النائب فرانسوا روشبلوان Francois Rochebloine، والسيدة فريدريك دونيو Frederique Deniau ارملة الوزير السابق جان فرانسوا دونيو، فالكاتب والسفير السابق دانيال روندو Daniel Rondeau والسفير الفرنسي السابق في لبنان رينه ألا Rene Ala.
وحضر اللقاء ايضاً وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وسفير فرنسا في لبنان ايمانويل بون Emmanuel Bonne، والنائب اللواء ادغار معلوف الذي كان وزيراً في حكومة العماد عون، والنواب: سيمون ابي رميا، آلان عون ونبيل نقولا الذين كانوا في فرنسا خلال فترة وجود العماد عون، والنائب جيلبيرت زوين.
ا روشبلوان
وتحدث بداية النائب فرنسوا روشبلوان عن محطات من لقاءاته مع الرئيس عون في العام 1989 وزياراته مع النواب الفرنسيين للتضامن مع اللبنانيين المعتصمين في “بيت الشعب”. كذلك تناول اللقاءات التي جرت في فرنسا لا سيما في “لاهوت ميزون” وفي مجلس النواب الفرنسي.
وتحدث النائب الفرنسي عن الممارسات التي حصلت خلال وجود العماد عون في فرنسا من قبل السلطات الفرنسية، لافتاً الى ان بعضها “لم يكن مشرفاً”.
وقال: لقد اسفت لعدم تمكني من مرافقة عودتكم الى لبنان وقد تلقيت دعوة لذلك من صديقنا (النائب) سيمون ابي رميا وقد كان في استقبالكم نحو 400 الف من مؤيديكم. وكان اللقاء من اللحظات التي لا يمكن للمرء ان ينساها. اليوم انتم رئيسا للجمهورية وكان طريق الوصول الى الرئاسة طويلا لكنكم وصلتم، وبالنسبة الي والينا جميعا، فاننا في غاية السعادة ولن اطيل في الحديث عن شعور الفرح والشرف والصداقة والوفاء الذي نشعر به. وكونوا على ثقة انه شعور قوي للغاية وقد سميتمونا “الاصدقاء الاحباء” ونحن هنا كأصدقاء ” عونيين”. اقول اصدقاء لبنان، لكننا عونيون وثقوا بكم ولا يزالون يثقون اليوم اكثر من اي وقت مضى. واقول ايضا عاش لبنان الحر المستقل السيد. لقد رددتم ذلك مرارا فخامة العماد، وسنردد مع كل العونيين “تراتاتا جنرال”. وهو لامر مهم.
السيدة فريديريك دونيو
ثم القت السيدة فريديريك دونيو كلمة حيت فيها وقوف اللبنانية الاولى وكريماتها ميراي، كلودين وشانتال الى جانب الرئيس عون وقالت:
“بما اننا نستعيد الذكريات، فليسمح لي ان اقول انكم جعلتموني ابكي مرات ثلاث، في المرة الاولى كان ذلك بداية تشرين الاول 1990 وقد تناولنا العشاء جميعا في ملجأ هذا القصر، وكان ذلك ايام قليلة قبل وصول السوريين وقلتم لي بعده سنعود معا الى بعبدا. وها نحن اليوم في بعبدا وها انتم في بعبدا. وفي المرة الثانية، كان ذلك ايضا بسببكم في 31 تشرين الاول الماضي حيث امضيت اليوم امام التلفزيون اللبناني وساعة شاهدتكم تستعرضون حرس الشرف في بعبدا حيث كان يجب ان تكونوا. والمرة الثالثة، فعندما شاهدت كريماتكم الثلاث. فشكرا لكم وشكرا لانكم خصوصا لم تنسونا. من الطبيعي الا ننسانكم نحن ولكن في المكان الذي انتم فيه، ان تقوموا بدعوتنا لزيارتكم فهذا مدعاة فرح هائل لنا، شكرا لكم وعاش لبنان.”
السفير دانيال روندو
بعد ذلك تحدث الكاتب والسفير السابق دانيال روندو فقال:
“في اللغة الفرنسية هنالك كلمات لها وقع: احبك، اضافة الى كلمة اخرى: شكرا، اليوم من الطبيعي ان نقول لكم جميعنا شكرا جزيلا، شكرا لانكم دعوتمونا اليوم وشكرا لانكم لم تنسونا ولم تنسوا من دعمكم ودعم الشعب اللبناني برمته في ذلك الربيع الذي احيا شوارع بيروت وشوارع باريس، في وقت كان الكثيرون يتطلعون في اتجاه اخر. لقد مضت السنوات وها انتم في بعبدا رئيسا لوطن حر، حي، وصامد وسط الفوضى الخارجية. ان الحقيقة والذكاء كما الحب امور تتطلب ان نبنيها. بصبر وشجاعة، لم تتخلفوا عن البناء، وان الثورة اللبنانية التي جسدتموها حملها الشعب اللبناني برمته من مسيحيين ومسلمين. ويبدو لي انه كان هناك امر نبوي في الحركة التي قدتموها لان اللبنانيين لم يكونوا يناضلون من اجلهم فقط بل من اجلنا ايضا ليس فقط من اجل حريتهم بل من اجل حريتنا ايضا، كما يفعل ذلك اليوم مسيحيو العراق وسوريا الذين ينبهوننا الى المخاطر التي تهددنا اليوم اكثر من اي وقت مضى نحن بحاجة الى لبنان، عاش لبنان، وعاش فخامة رئيسه الصبور والمنور.
السفير رينه ألا
ثم القى السفير الفرنسي السابق لدى لبنان رينه ألا كلمة جاء فيها:
” من الواضح اننا جميعنا في غاية التأثر بهذا اللقاء الذي رغبتم في ان يحصل وتمنيتم ان يوضع تحت عنوان الصداقة والوفاء والرجاء وخصوصا الرجاء. لقد سألني التلفزيون ان اتحدث عن ذكريات 13 تشرين 1990 واردد من دون ملل كيف جرت الاحداث يومذاك، ومن ثم شعوري بما افكر فيه حول لقائنا اليوم بعد ما حصل في ذلك التاريخ. واني اود ان اتحدث الان عن المستقبل ببضع كلمات. يوم التقينا منذ قرابة 15 شهرا عدت الى فرنسا بشعور مزدوج باعجاب دائم بحيوية واصرار الشعب اللبناني وارادة الحياة لديه وفي الوقت عينه، وبجمود عمل المؤسسات الذي بدا غير قابل للحل. وقد طرحت على نفسي عدة اسئلة واعترف انه كان من الصعب لدي ان اتخيل ما سيحصل. ولكنكم فخامة العماد، استاذ في الرجاء، وقد علمتموه وبدا معكم معديا عندما تتصرفون وتقولون.”
وتحدث عن اهمية الرجاء في مسيرة الرئيس عون وقال:” ها نحن اليوم هنا كشهود قدامى مهتمين ونشطين بتواضع لما جرى: الحرب كنا نتابعها كل يوم، وكلماتكم وقراراتكم ومواقفكم ايضا ونحن مقتنعون انكم ستصلون الى النهاية. وكنا ندخل هنا جميعنا حاملين محبة لبنان حتى الاعماق لنقول: ما من شيء قد تم ربحه الى الان لكن كل شيء يبقى موضع رجاء وهذا الامل سيتحقق ولبنان الذي تصالح مع ذاته واكثر اتحادا من اي وقت مضى، هذا اللبنان هو البشرى السارة الوحيدة في العالم المعقد. هنالك مؤتمر يفتتح في كازخستان ونأمل ان يتم فيه التوصل الى امور معينة، لكن لبنان باتت تتوفر فيه كل الشروط ليلعب دوره بشكل كامل ونحن الذين نؤمن بفرادة لبنان وحاجته في رسالته للبحر المتوسط ولمنطقته وللعالم. نحن اليوم مطمئنون ان مستقبله بين ايديكم هذا ما سنقوله الى الذين يودون ان يسمعوننا، لقد اعطيتم عددا من التصاريح في الاونة الاخيرة وقمتم بزيارة مميزة وقدمتم امنيات شددتم على سبيل المثال فيها على دور لبنان كامة وهذا هو اهم ما يجب الحديث عنه. ان لبنان المتصالح مع ذاته بامكانه ان يقدم الكثير الى عالم اليوم القلق”.
كلمة عون
ورد الرئيس عون على المتحدثين بكلمة قال فيها:
“اصدقائي الاعزاء، اننا نلتقي اليوم بفرح. ان نتحدث بذكريات فهو امر يؤدي الى ارباك. لقد كانت فترة تختلط فيها كافة المشاعر: الجرأة، الشجاعة، القلق، الخطر، الحزن والالم ويوم اتيتم لرؤيتنا خلال جولتكم الاشبه بالمغامرة فان الامر اعطانا بعضا من الاطمئنان. ما من شيء تبدل يومها لكن حضوركم كان بمثابة تضامن لم نكن ننتظره. لقد تخلى عنا الجميع لكنه كان من الواجب علينا ان نواصل مسيرتنا. لقد بقيتم هنا، سعادة السفير الا وعائلتكم وحضرة السيدة كوربان وغدوتم عائلتي بعد 13 تشرين وخلال عام من البقاء في السفارة شكل الامر بالنسبة لي عاما من التأمل والتفكير لكنني ما اعتقدت يوما انه يجب علي ان اتنازل عن رسالتي. كان الجميع يدرك انني اتلقى عروضا وكان لدى الجميع امال لكن الامر بالنسبة الي كان اكثر من نذر، لقد كان بمثابة عقد بيني وبين الذين سقطوا في ساحات الشرف ان نعيد لبنان حرا سيدا ومستقلا، وطنا يكون جديرا بتضحياتهم وقد تواصل الدرب الطويل من المنفى مدة 15 عاما امضيتها في تنظيم الحضور اللبناني في الانتشار والقيام بجولات الى الولايات المتحدة والتوصل الى اقرار القانون الذي يفرض على الادارة الاميركية ان تحرر لبنان وتعيد اليه سيادته، واخيرا العودة التي شكلت مرحلة جديدة لنضالنا. وهذه المرة بطابع سياسي. لقد كان هنالك تحالف بين الذين تعاونوا مع سوريا من اجل عزلي ونجحوا بذلك لكن الشعب حررني وتابعت حتى الساعة. وفي النهاية ها نحن هنا مع الامل بان نعيد عيش زمن رفاهية لبنان الذي كنا نسميه في السابق القطب الحيوي للشرق الاوسط. واعدكم ان الامر سيعود كما كان في السابق. الان وسط الحروب وهذا الجحيم الذي سموه الربيع العربي، تمكنا من المحافظة على استقرار لبنان وامنه. وها نحن، بهدوء تام نستعيد ذكريات وظروف صعبة شكلت القاعدة لمواجهة عالم لم يكن يوما على قدر امالنا، عالم كان يستخدم حقوق الانسان كعلامة تجارية لم يحترمها يوما ولن يفعل، لكن من الواجب ان تعتمد دوما على انفسنا. وها نحن اليوم نتكل على انفسنا وكما تعرفون فان الشرق الاوسط متروك بالكامل ويغدو خطرا عالميا. من الواجب اليوم ان يكون هناك تضامن عالمي للانتصار على العدو الذي بامكانه ان يتغلغل في اي مكان. واعتقد ان فرنسا عرفت هذا العدو ونأمل ان ينتهي ذلك، لان من الواجب اطفاء الحريق في مصدره في الشرق الاوسط، والا انتشر في العالم، وطلائعه بادية. واني اشكركم للغاية للمجيء كي نحتفل معا بهذا الفرح وهذا الرضا لدينا لان الحق انتصر في النهاية والحقيقة انتصرت.”
وعزف المؤلف الموسيقي اللبناني شاوون اغوسطين (14 عاماً) الذي يعتبر من اصغر المؤلفين الموسيقيين من قبل الصحافة العالمية، معزوفات على البيان ومن بينها معزوفة خاصة وضعها يوم انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية.
بعد ذلك اقيمت مأدبة غداء على شرف الحضور والتقطت الصور التذكارية للوفد في البهو الخارجي للقصر قبل ان يصافح الرئيس عون واللبنانية الاولى المدعوين.
.