“مصدر دبلوماسي”
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشره في 18 كانون الثاني 2017 موقع “لبنان 24″ لكاتبته مارلين خليفة على الرابط الآتي:
http://bit.ly/2jYJa2Y
أثبت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في خطابه أمس أمام السلك الدبلوماسي العربي والغربي المقيم وغير المقيم في لبنان أنه رئيس يحكم ويستخدم إرادته الحاسمة في مقاربة الملفّات الحساسة. وحمل الخطاب الذي قرأ فيه المراقبون تكملة لخطاب القسم مع فارق بأنه أكثر حزما، رسائل في اتجاه الداخل اللبناني، وخصوصا في لفتة أرادها عون في بداية الخطاب تتعلق بالقانون الإنتخابي، وهي تمثل رسالة واضحة الى الطوائف اللبنانية وأوليائها الإقليميين بحسب تحليل أحد المقربين من المناخ العوني. وبدا عون جازما بضرورة تغيير قانون الستين مطمئنا بعض المتخوفين من النسبية، وهو ما يتناقض مع الموقف المعلن سابقا والذي تبدل حاليا لرئيس حزب” القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي غرّد أن لا قانون إنتخابيا لا يرضى عنه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط المعارض للنسبية. ويتناقض كلام عون كليا مع توجه رئيس الوزراء سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، في حين كان لافتا أمس أن أولى التنويهات بخطاب عون حول اعتماد قانون إنتخابي جديد جاءت من الرئيس نبيه بري، ومن الرئيس نجيب ميقاتي وفي بيان “كتلة الوفاء للمقاومة”.
وفي قراءة نص للخطاب، ليس تفصيلا أن يستخدم الرئيس تعبير “إرادتي” لثلاث مرات رابطا بشخصه كرئيس تحقيق الإستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي والإجتماعي.
ولعلّ الرسائل المشفّرة التي أرسلها الى الخارج هي الأشد قساوة، ولكنّ عون الرئيس كان يتكلّم باللغة العربية الفصحى ، لو “ترجمت” الرسائل الى اللغة العامية التي طالما استخدمها عون حين كان رئيسا لـ”التيار الوطني الحرّ” لكان أجج مشاعر مؤيديه ومناصريه فنزلوا الى الشوارع متظاهرين وهو “سيناريو” غير مستبعد بحسب ما ظهر أمس أيضا من بيان “تكتل التغيير والإصلاح”.
كان عون حازما في ملفّ النزوح السوري وأرسى قاعدة وحيدة: ضرورة عودة هؤلاء الى بلادهم ورفض اي دمج لهم في المجتمع اللبناني. كلام عون ذي أهمية قصوى في حضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ التي زارته قبل يوم من الخطاب مع نائبها فيليب لازاريني وهما من أشدّ الدعاة الى إدماج السوريين في المجتمع اللبناني بطرق مباشرة وغير مباشرة.
ولم يوفّر المنظمة الدولية في بقية خطابه مشككا على الملأ بدورها وخصوصا في ما يتعلقّ بقضية فلسطين، وهي القضية المركزية. وقال كلاما هو الأشد وضوحا والذي يعبّر عن نبض شارع لبناني وعربي عريض. ولعلّ أقسى ما قاله أنه بعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية للحفاظ على “الحقوق بين الشعوب” ” علّق العالم المستضعف آمالا كبارا على هذه المؤسسة ومثيلاتها، لمساعدته في التحرر وحمايته من طغيان القوى التي تحاول السيطرة عليه. فماذا كانت النتيجة؟ (…) يتابع عون:” لقد قسّمت فلسطين بقرار دولي من الأمم المتحدة يحمل الرقم 181، الى قسمين، قسم لليهود وآخر للعرب (…). ثم يسأل الرئيس عون المنظمة الدولية:” القرار الأول بشأن فلسطين أشعل حربا فيما القرارات الأخرى لم تنفّذ، فماذا فعلت المؤسسات الدولية حيال ذلك.؟ لماذا لا تأخذ قرارا يلزم إسرائيل بإعادة الأرض المتفق عليها للفلسطينيين والإعتراف بهويتهم. لماذا لا يزال الإسرائيليون يسلبون أرض الفلسطينيين حتى اليوم؟ ولماذا يهدمون منازلهم ويحرقون بساتينهم، ويستملكون أرضهم ليبنوا مستوطنات…(…).
ولم يوفر عون الأميركيين بحضور سفيرتهم من رسالة قوية غامزا من قناة مشروع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس التي أشعلت الحروب الداخلية تحت مسمّى “الربيع العربي”، ووجه أسئلة معبّرة الى الدول التي تتجاهل حقوق الإنسان ولا تتذكرها إلا إذا مسّت بأمنها في حين تعتبرها ثورة إذا خدمت مصالحها.
كذلك بعث عون رسالة واضحة للسفراء الغربيين والعرب محذرا من تفشي العنف والإرهاب لأن النار ستصل الى بلدانهم وهي بدأت تحرق أصابع من صنعها، وهو يعني المتورطين بإشعال الحرب في الشرق الأوسط.
وباختصار في حين كان خطاب القسم توحيديا وجامعا تميز الخطاب أمام السلك الدبلوماسي بالحزم، وهو بحسب أحد المنظرين في سياسة عون:” حكى الجارة لتسمع الكنّة”، اي أنه خاطب الداخل والخارج سويا مدركا عمق التداخل بين الطرفين.
ويعلّق السياسي المذكور:” هذا رجل يرأس ويستند الى قوة نيابية وشعبية، وهو يثبت مجددا أنه لم يتراجع عن قسمه ولن”.
مارلين خل