“مصدر دبلوماسي”
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشره اليوم الجمعة 30 كانون الأول 2016 موقع “لبنان 24″ لكاتبته مارلين خليفة على الرابط الآتي:
http://www.lebanon24.com/articles/1483092205096565900/
يبدأ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عهده الرئاسي في 20 كانون الثاني القادم، أي بعد 20 يوما، وسط نقاشات لا يزال يسببها انتخابه، ولا سيما أنه من خارج الطبقة السياسية التقليدية، ويرى المتابعون للسياسة الأميركية بأنه رجل أعمال سيدير السياسة الأميركية كـ”مقاول” حقيقي.
ويشبه المتابعون للشأن الأميركي السياسة التي سينتهجها الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأميركية بسياسة الرئيس الأميركي الـ40 رونالد ريغان الذي امتدّ عهده بين عامي 1981 و1989. صحيح بأن ترامب لم يمتهن التمثيل كما فعل ريغان في ريعانه، لكنّه في أسلوب كلامه والإيماءات التي يفتعلها يشبه الى حدّ بعيد تلك التي يعتمدها الممثلون.
في سيرة ريغان عند انتخابه أنه وضع استراتيجية واضحة المعالم تنقل أميركا من مصاف “الدولة العظمى”، الى مصاف “الدولة القوية” في حين يزمع ترامب وضعها في مرتبة “الدولة الأقوى”.
تمكّن ريغان من استعادة مواقع عدّة خسرتها الولايات المتحدة الأميركية إبان الحرب الباردة مع الإتحاد السوفياتي آنذاك، وفي فترة حكم جيمي كارتر، فأعاد لأميركا مناطق نفوذ منها في إفريقيا وبنما ونيكارغوا وتشيلي… وعمل مع الأوروبيين على تفكيك حلف وارسو وفتح قنوات إتصال مع إيران، وفي عهده كانت فضيحة “إيران كونترا”، وشنّ حربا على منظمة التحرير الفلسطينية معتبرا إياها منظمة إرهابية وعمل على إخراجها نهائيا من لبنان في عهد السفير فيليب حبيب.
اصطف ريغان اصطفافا لا لبس فيه الى جانب إسرائيل كما يفعل دونالد ترامب حاليا، حتى أن ريغان إتخذ موقفا ضدّ مشروع فرنسي في مجلس الأمن الدولي يطالب إسرائيل بالإنسحاب الفوري من لبنان بعد اجتياح 1982. لكنّ مجلس الأمن صوّت على القرارين 508 و509 مطالبا إسرائيل بالإنسحاب من لبنان ووقف العمليات العسكرية.
ومن تصريحات ريغان حول إسرائيل:” إن إسرائيل ليست أمّة فحسب بل هي رمز، ففي دفاعنا عن حق إسرائيل في الوجود إنما ندافع عن ذات القيم التي بنيت على أساسها أمّتنا”.
بالنسبة الى سياسة ترامب، فهو بحسب المتابعين للسياسة الأميركية لن ينسف الإتفاق النووي مع إيران إذا حققت الأخيرة مصالح الشركات الأميركية ومنها مثلا شراء إيران لـ80 طائرة “بوينغ”، الى مصالح تتعلق بالتنقيب عن النفط الذي من المفترض أن تقوده الشركات الأميركية. والدليل الأبرز على إيلاء هذه الملفات أهمية هو اختيار ترامب لريكس تلرسون وزيرا للخارجية، وتلرسون هو رئيس مجلس إدارة “إكسون موبيل” النفطية، وهي تعتبر خامس أكبر شركة أميركية من حيث القيمة السوقيّة.
إختيار تلرسون كرّس الإبقاء على الإتفاق النووي مع إيران، لأن المصالح النفطية هي فوق أي إعتبار.
ولعلّ المشكلة الأميركية الأكبر مع إيران هي في العراق الذي غادرته إدارة أوباما بطريقة متسرعة من وجهة نظر ترامب وستسعى أميركا الى تقليص النفوذ الإيراني هناك.
في الملف السوري لا مشكلة لدى إدارة ترامب بأن تكون سوريا تحت السيطرة الروسية ، وموسكو برأي الرئيس الجديد ستقلّم أظافر إيران هناك. أما “حزب الله” فعلاقته مع إسرائيل في مرحلة ما بعد إنتهاء الحرب السورية وعودته الى لبنان، ولا حاجة لتدخّل مباشر من الولايات المتحدة الأميركية بحسب تحليل المتابعين للتركيبة الأميركية الجديدة.
بالنسبة الى الخليج لا إلتزام أميركيا بالدول الخليجية ومصاحها إلا بقدر الأموال التي تدفعها على القضايا التي تهمّها.
فترامب مقاول وليس رجل أعمال خيريّة، بحسب تعبير الأوساط المتابعة، وأي تلكؤ خليجي سيشهر قوانين مثل قانون “جاستا” الذي يتيح لضحايا تفجيرات 11 أيلول رفع دعاوى والمطالبة بتعويضات مالية من السعودية بسبب جنسيات بعض الإرهابيين المتورطين، وقانون “فرانك وولف” الذي أقرّ أخيرا حول الحريات الدينية والذي يجبر الدول على السماح للأفراد بالحريات الدينية والإلحاد وإنشاء دور العبادة وعدم معاقبة الأفراد بسبب تغيير دينهم أو آرائهم الدينية. وهذا القانون الذي وقعه الرئيس باراك أوباما ويحمل إسم النائب الجمهوري فرانك وولف يجبر السلطات التنفيذية الأميركية على اتخاذ عقوبات ضدّ الحكومات الأجنبية التي تخالفه.
بالنسبة الى لبنان، سيتطلع ترامب إليه أيضا على طريقة رونالد ريغان وخصوصا من زاوية أن لبنان هو آخر موطئ للمسيحيين في الشرق، علما بأن الملف اللبناني سيكون في صلب اهتمامات مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية المقبلة الجنرال المتقاعد مايكل فلين.
مارلين خليفة