“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
بعد مرور عام كامل على التدخّل العسكري الروسي في سوريا (أيلول 2015) يؤكد السفير ألكسندر زاسبيكين بأن بلاده مستمرّة في عمليتها العسكرية الى حين تحقيق أهدافها المعلنة وهي مكافحة الإرهاب والحفاظ على سوريا دولة موحدة وغير مفككة مع نظام سوري فاعل.
ويفصّل زاسبيكين في حوار مع موقع “مصدر دبلوماسي” نقاطا من الإتفاق الروسي الأميركي الأخير الذي سقط مؤقتا بحسب حديثه، مشيرا الى أنه الطريق الوحيد الى الحلّ في سوريا ،ومشددا على أن أجندة الحلول الروسية لن تختلف مع الإدارة الأميركية الجديدة.
هنا نصّ الحوار:
“مصدر دبلوماسي”:
مرّ عام على المشاركة العسكرية الروسية في سوريا، ما كانت الحصيلة سياسيا وعسكريا من وجهة نظر موسكو؟
ألكسندر زاسبيكين:
بغية تقييم ما تمّ تحقيقه يجب تذكّر كيف كانت الأوضاع قبل المشاركة الروسية المباشرة في الأعمال العسكرية في سوريا. كان للمشاركة العسكرية أهدافا محددة وملموسة: تحقيق ضربة قوية ضدّ الإرهابيين في سوريا في غضون أشهر ثم العودة الى العملية التفاوضية وهذا ما تمّ تحقيقه وفقا لهذا البرنامج.
وقد تمّ تحرير عدد من المدن والقرى والأراضي وتدمير عشرات الآلاف من مواقع الإرهابيين وإنعاش الجهود السياسية. وتستمرّ هذه الجهود وفق المطالب الميدانية. ويمكن القول أن هذه الضربة أدّت الى إضعاف قدرات الإرهابيين. وهذه الجهود مستمرة بالتنسيق مع الجيش النظامي السوري والسلطات السورية في هذه الإتجاهات كلها.
إن مسألة مكافحة الإرهاب عالمية وتتعلّق بسوريا، بل هي أوسع رقعة منها، من هنا أهمية توسيع التحالف في هذا المجال بمشاركة جميع القوى، وهذا الإقتراح قائم، وكان الإتفاق الروسي الأميركي مهمّ في هذا المسار لأنه شمل كل المجالات: من التنسيق الميداني الى تثبيت الهدنة وتقديم المساعدات الإنسانية وصولا الى إنعاش العملية التفاوضية.
للأسف أنه في خلال المرحلة الأولى من توقيع الإتفاق، حصل تطبيق من جانب واحد، أقصد من قبل الجيش النظامي السوري وروسيا وليس من جانب المعارضة وفصائلها.
أما المسألة الاساسية والمتعلقة بالفصل بين المعتدلين والإرهابيين فلا تزال غير محلولة وهذا يتطلّب عملا من الجانب الأميركي.
إن روسيا تواصل الجهود في هذه الإتجاهات كلّها ولديها الإصرار على التسوية السياسية وفي الوقت عينه القضاء على الإرهاب بالأساليب العسكرية.
إجمالا يمكن القول أننا حققنا الأهداف المطروحة خلال الأشهر الأولى للمشاركة الروسية العسكرية في سوريا، وخلال الفترة الأخيرة نواصل هذه الجهود لاستكمال المهمّة عسكريا وسياسيا.
“مصدر دبلوماسي”:
بماذا تختلف جبهة حلب عن سواها من الجبهات؟
ألكسندر زاسبيكين:
لست خبيرا عسكريا، لكن الرأي السائد وهو الأهم هو أن الوضع في منطقة حلب ذي أهمية قصوى في ما يخص كل ما يحدث في سوريا من ناحية الموقع الإستراتيجي وحجم المواجهة والهموم الإنسانية. وأودّ الإشارة الى أن روسيا تهتمّ كثيرا بحماية المدنيين هناك، وهي اتخذت مبادرة لفتح الممرات الإنسانية وقدّمت المساعدات للناس في حلب وهي تبذل كل الجهود لحماية المدنيين.
“مصدر دبلوماسي”:
أدّت معارك حلب الى توجيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري تهديدا مباشرا الى نظيره الروسي سيرغي لافروف بـأنه إذا لم تضع روسيا حدّا فوريا لعمليتها في حلب فإن الولايات المتّحدة الأميركية ستعلّق إلتزامها الثنائي مع روسيا وخصوصا إقامة مركز للتنسيق العسكري المشترك؟ هل ترى بأن الأميركيين يريدون رفع منسوب المواجهة إزاء التحدّي الروسي السوري في حلب؟
ألكسندر زاسبيكين:
إن الإتفاق الروسي الأميركي شمل قضايا عدّة ومنها ما يتعلق تحديدا بالأوضاع في حلب، وهنالك نصوص دقيقة حول ترتيب الأمور وتنسيق الطرق ووسائل التموين، علاوة عن الفصل بين المقاتلين المعتدلين والإرهابيين والخرائط الجغرافيّة للمواقع للتنسيق العسكري الروسي الأميركي.
وكانت روسيا تلتزم بذلك، أما الجانب الأميركي فلم يلتزم ولم يؤثر على المعارضة ولم يتخذ الخطوات لتطبيق هذا الإتفاق وبما في ذلك سحب القوات عن طريق الكاستيللو.
هذه هي الوقائع، لكن للأسف فإن الموقف الأميركي يشوّه الحقائق، وهذا الإتهام لروسيا من قبل الأميركيين بالقصف للقوافل هو تزوير للوضع وإنقلاب على الإتفاق بيننا لرسم صورة معاكسة عمّا يحصل بالفعل.
“مصدر دبلوماسي”:
هل يتأجّل الإتفاق الروسي الأميركي حول سوريا الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة؟
ألكسندر زاسبيكين:
بالرغم من هذه السلبية الأميركية في تنفيذ الإتفاق المذكور، فإن روسيا تواصل الجهود الآيلة لتطبيقه، نحن لا نرى أي طريق آخر نحو الحلّ السلمي في سوريا. لذلك سنواصل هذه الجهود في كلّ الظروف وبغض النظر عن الإنتخابات الأميركية ومن سيصل الى البيت الأبيض، لأن هذه الأجندة الروسية هي ذاتها ونعتبرها الوحيدة المعقولة والقابلة للتطبيق، ويجب أن نطرح هذه الأجندة في الأحوال كلّها. لذلك فإن العمل مستمرّ بغض النظر عن كل الإعتبارات الأخرى والتطوّرات في أميركا.
“مصدر دبلوماسي”:
إلام ستستمر المشاركة العسكرية الروسية في سوريا؟
ألكسندر زاسبيكين:
إن المشاركة العسكرية الروسية ستستمر الى حين القضاء على الإرهابيين، وثمة هدف ثان يتعلق بالحفاظ على الدولة السورية موحدة وعلى مؤسسات الدولة. وهذا عامل مهمّ، لأنه يجب إستبعاد اي احتمال لتفكيك سوريا كدولة.
“مصدر دبلوماسي”:
عطفا على كلامك ثمة تصريح لرئيس الإستخبارات الأميركية السابق يشير فيه الى أن ثمة بلدان يمكن الإستغناء عن وجودهما هما العراق وسوريا، فما هو رأيك؟
ألكسندر زاسبيكين:
مثل هذه التصريحات تدلّ على وجود مشاريع لتفكيك الدول في الشرق الأوسط وهذا إستمرار للنظرية التي تشمل ليس هذه المنطقة فحسب بل أيضا مناطق أخرى، ونحن من حيث المبدأ نقف الى جانب الحفاظ على الدول الوطنية في كلّ مكان ونعتقد أن أي سيناريو آخر وبالتحديد إقامة “الكانتونات الطائفية” أو الإتنية يؤدي الى توسيع النزاعات والإمتدادات الإرهابية في المناطق المختلفة من العالم.