“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
قبل يومين على انعقاد المؤتمر الدولي الذي دعا إليه أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون في نيويورك (19 الجاري) للبحث في آليات دولية لمواجهة قضيتي اللجوء والهجرة، والذي سيعقبه بعد يوم مؤتمر مماثل دعا إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما، وإثر “تدفق” الآراء والرسائل الدبلوماسية الدولية وخصوصا في لبنان والمركّزة حول دعم “الأسرة الدولية” للبلد المضياف، وتبيان أن هذا الدعم المادي لا أفق له وسط انعدام الحلول في سوريا. وبعد أن رشح كلام عن مسؤولين أمميين منهم منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فيليب لازاريني عن 3 حلول موضوعة للنزوح منها العودة الطوعية والتوطين في بلد ثالث والدمج في المجتمعات المحلية، وإثر كلام غير مطمئن قالته مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون السكان واللاجئين والمهاجرين آن ريتشارد في جلسة “سكايب” مع صحافيين لبنانيين أشارت فيها الى ضرورة أن يعيش اللاجئون السوريون وأبناءهم بكرامة حيث هم في انتظار عودتهم الآمنة الى سوريا.
وإثر كلام آخر لمفوض شؤون اللاجئين فيليبو غراندي أشار فيه الى أن معدّل أمد النزوح عالميا هو 20 عاما، ووسط تسارع وتيرة تطبيق البرامج التعليمية ومنها برنامج ” الحق بالتعليم للجميع” الذي تظلله وزارة التربية اللبنانية التي تزمع تسجيل 469 ألف تلميذ سوري في300 مدرسة رسمية لبنانية في 2017 يدرسون المناهج اللبنانية، فضلا عن “بحث متأن” للمنظمات الدولية التي “تفرّخ” بشكل غير مسبوق عن الحرف اليدوية في القرى والبلدات اللبنانية لتشغيل النازحين فيها وتغطية هذا “الدمج” بأن اللبنانيين سيعملون أيضا، كان كلام قوي لـ”الرابطة المارونية في لبنان” التي أعدّت “وثيقة وطنية” حمّلتها لرئيس الحكومة تمام سلام ولوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى نيويورك، وقد شاركت بصياغتها جميع الأحزاب اللبنانية بلا استثناء وقد جمعتها “الرابطة المارونية” على طاولة تناولت الرؤية اللبنانية الوطنية لمسألة النزوح.
واستتباعا للموضوع، يضع رئيس الرابطة المارونية المحامي أنطوان قليموس لـ”مصدر دبلوماسي” النقاط اللبنانية على حروف المشاريع والمخططات الدولية في هذه المقابلة:
“مصدر دبلوماسي”:
يتوجه لبنان الى مؤتمري النزوح في نيويورك بمبادئ عامّة سياسات واضحة، في وقت تركّز فيه الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية على مسألة “الدمج المحلي” في المجتمعات الذي رفضها لبنان لكنّها تتمّ بطرق غير مباشرة، فما رأي الرابطة المارونية بهذا الموضوع؟
أنطوان قليموس:
إن كلمة “الدّمج” بمفهومي هي نوع من التوطين المقنّع.
ثمة روابط مشتركة بين الشعبين اللبناني والسوري وتواصل قديم عبر العمالة السورية والروابط العائلية، وبالتالي لا لزوم لاعتماد الدمج المصطنع الذي تنادي به الأمم المتّحدة أو الولايات المتحدة الأميركية.
بالنسبة الى تعليم التلامذة السوريين، فنحن لا نرفض ذلك، لكننا نقترح تعليمهم المنهج السوري بغية إدماجهم في المجتمع السوري. نحن نتطلع أن يعود هؤلاء الى سوريا مستقبلا. إن تعليم التلامذة السوريين المنهج اللبناني يعوق إندماجهم في الحياة الإقتصادية السورية. في حين أن اعتماد المنهج السوري يعني وضع هدف واضح لهم بأنهم يعيشون مرحليا في لبنان ويتعلمون فيه بهدف إكمال حياتهم الطبيعية في بلدهم الأم وليس إندماجهم في لبنان.
من جهة ثانية، أود الإشارة الى مسألة الدورة الإقتصادية السورية المتكاملة التي نمت في داخل الدورة الإقتصادية اللبنانية بعد عملية النزوح. وأبرز شاهد عليها هو رئيس بلدية عرسال، الذي يقول أن المحال التجارية اللبنانية في عرسال ستغلق بسبب كثافة المحال السورية التي تمتنع عن شراء منتجات لبنانية لبيعها وتأتي بالمنتجات السورية
لذا نحن ضدّ الدمج في المجتمع اللبناني، وهذا لا ينفي أننا مع توفير عيش كريم للنازحين. هذه برأينا المقاربة الإنسانية الصحيحة الموضوعة من باب المصلحة اللبنانية المرتبطة بالأمنين الإجتماعي والإقتصادي والأمن بالمطلق.
“مصدر دبلوماسي”:
ماذا عن إقتراح أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون عودة النازحين الطوعية بعد إتمام الحلّ السياسي؟
أنطوان قليموس:
لا شيء إسمه “عودة طوعية”، بل يجب أن يعود النازحون الى سوريا عندما ينتفي مبرّر وجودهم في لبنان.
“مصدر دبلوماسي”
لكن لا توجد مناطق آمنة في داخل سوريا لغاية الآن وافقت عليها جميع أطراف النّزاع؟ ويخاف المجتمع الدولي من تكرار المجازر التي حصلت في البوسنة في سنة 1995؟
أنطوان قليموس:
لا يحاولّن أحد إرساء مقارنة بين ما حدث من مجازر في كوسوفو في تسعينيات القرن الفائت وبين الوضع في سوريا ولبنان.
إن النزاع المسلّح في كوسوفو كان عرقيا، أي بين الصرب والمسلمين، ووصل الأمر حدّ الإبادة الجماعية. أما في سوريا فالنزاع سياسي صرف. بالتأكيد ثمة مناطق آمنة، وهي موجودة في ظلّ حماية النّظام، وهي تتوسع كما في دمشق وريفها وفي داريا وبعض الغوطة، وثمة مناطق آمنة أيضا على الحدود التركية بيد المعارضة. ومن الممكن الإفادة منها. مع التأكيد على أن القوى العظمى تستطيع إرغام النظام السوري وتركيا والمعارضة حين تريد على حماية المناطق الآمنة والنازحين إليها.
هذه المناطق الآمنة يجب تستضيف السوريين في انتظار إعادة بناء بلداتهم وقراهم للرجوع إليها.
في لبنان ثمة منطقة آمنة يتم تحويلها بسبب الأعداد الضخمة للنازحين الى مناطق غير آمنة. إذ بدأنا نشهد نوعا من الحساسيات بين النازحين السوريين وبين كافة مكوّنات المجتمع اللبناني.
وصّف النزوح السوري في بدايته بأنه يريح الشريك السني في الوطن وإذ تبيّن في ما بعد بأن المتضرر الأول هو الشريك السني لأن أكثرية النازحين يتواجدون في المناطق السنية كما في مجدل عنجر والبقاع وعكّار حيث إفلاس المحال والمشاكل لا تحصى.
“مصدر دبلوماسي”
يقول مفوض شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي بأن مشاكل النزوح عالميا تستمر أقله 20 عاما فما رأيك؟
أنطوان قليموس:
نحن كلبنانيين غير مستعدين للإنتظار 20 عاما لمغادرة النازحين، بسبب الهواجس التي عبّرنا عنها أمنيا وإقتصاديا وإجتماعيا وديموغرافيا.
وهنا أريد التطرق الى موضوع الولادات التي تدق ناقوس الخطر.
“مصدر دبلوماسي”
قد يعتبر هذا الرأي عنصريا؟
أنطوان قليموس:
ليس عنصريا، يكون الأمر عنصريا حين أرفضه لكنني أطلب تنظيمه بشكل يتيح العيش الكريم للعائلات النازحة، فلا ترزح تحت نير الفاقة والحاجة في خيم متناثرة هنا وهنالك بلا أية مقومات للحياة، ما يزيد العبء على الدولة والمجتمع. وبالتالي مطلوب من وكالات الإغاثة تنظيم حملات توعية حول هذا الموضوع.
“مصدر دبلوماسي”
ما هي المخاطر الإستراتيجية للنزوح على المدى الطويل؟
أنطوان قليموس:
ثمّة خطر وطني، هذا النزوح السوري الذي يقارب المليون و700 ألف شخص ومعه لجوء فلسطيني يعني نصف عدد سكان لبنان.
وعلى المدى الطويل سيؤدي الى احتكاك مع المجتمع المحلي شئنا أم أبينا.