مارلين خليفة- “مصدر دبلوماسي”
يبدو التناغم الأميركي الروسي واضحا منذ فترة في الملف السوري، وهو تجلّى في أكثر من صورة آخرها في قمة دول مجموعة العشرين في الصين. ويبدو جليا بأن الدول الإقليمية تواكب هذا التنسيق المستجد في سوريا ولا سيما تركيا التي خرجت سالمة من محاولة الإنقلاب في منتصف تموز الماضي حاملة معها تغيرات في مقاربتها للملف السوري.
هنا أسئلة عن هذا الملف طرحها “مصدر دبلوماسي” على مدير الإدارة السابق في الجيش اللبناني والخبير في شؤون الحدود البحرية والمستشار لدى الأمم المتحدة اللواء المتقاعد عبد الرّحمن شحيتلي:
“مصدر دبلوماسي”
كيف تتجه الأوضاع في سوريا بعد التنسيق الروسي الأميركي؟ وهل ثمة اتفاقات كبرى في المنطقة؟
اللواء شحيتلي:
أعتقد بأنّ الروس والأميركيين قد توصّلوا الى اتفاق حول الخطوط العريضة بموضوع سوريا من حيث تقاسم النفوذ بين البلدين. وأعتقد بأنّ الطرفين اتفقا على أن يحصلا على الدور الأساسي وإلغاء أو تقليص نفوذ القوى الإقليمية قدر الإمكان. يتطلب حدّ دور الدول الإقليمية أن تجد الأخيرة مخارج لتدخلها على الاسحة السورية عبر التخلص من المجموعات المسلحة التي أنشأتها. بعدها تبدأ عملية المفاوضات بين الدّول الإقليمية تحت الرعاية الأميركية والروسية.
يبدو الأميركي والروسي هما “المايسترو” الحقيقي لما يحدث في سوريا نظرا الى الإجتماعات المكثفة بينهما وتنسيق المواقف التي تليها غالبا خطوات تنفيذية تقوم بها الدول الإقليمية. ويبدو بأن كل من روسيا وأميركا تضغطان على الدول التي تدور في فلكها.
“مصدر دبلوماسي”
كيف تفسّر الإنعطافة التركية تجاه نظام الرئيس السوري بشار الأسد؟
اللوء شحيتلي:
بعد أن اهتزّت سلطة الأتراك في الداخل فإنهم يريدون اليوم الخروج من الواقع الإقليمي لإعادة تثبيت سلطتهم في الداخل، ويبدو بأن الأميركيين أعطوهم حدودا معينة للتنسيق مع الروس والسوريين والإيرانيين لترتيب الأوراق في الداخل السوري وإعادة تثبيت سلطتهم في الدّاخل التركي.
“مصدر دبلوماسي”:
هل يحتم ترتيب الأوراق في الداخل السوري نوعا من اللامركزية الإدارية أو التقسيم؟
اللواء شحيتلي:
لا أعتقد أنه سيكون تقسيم في سوريا. إن تقسيم سوريا سينعكس حتما على تقسيم المنطقة برمّتها. أي تقسيم عتيد لسوريا يعيد تقسيم حدود دول المنطقة برمّتها وأعتقد جازما بأنّ لبنان لا يقسّم ولا تمسّ حدوده لذا سيتمّ تثبيت حدود سوريا. لكنّ الحكم داخل سوريا لن يعود الحكم المركزي القوي، بل ستكون لامركزية موسعة في مناطق الداخل السوري، واللامركزية الإدارية متاحة في سوريا بسبب مساحاتها الشاسعة.
“مصدر دبلوماسي”
كيف تشرح المصالحات في في بعض المناطق ومنها في داريا في حين تدور معارك كرّ وفرّ في حلب؟
اللواء شحيتلي :
ستبدأ معركة حلب بالإنحسار، ثمة مناطق نفوذ باتت معروفة في سوريا. إنّ الفيديرالية في سوريا لن تحصل بل ثمة مناطق نفوذ ستتكرس عبر اللامركزية الإدارية، هذه المناطق ستكون تابعة للعاصمة دمشق أيا تكن السلطة الموجودة فيها. وداريا هي من ضمن ريف دمشق وبالتالي كل تلك المناطق لا لزوم البتّة للقتال فيها لأنه لن يؤدي الى أية نتيجة، طالما أن مرحلة إسقاط النظام بالقوّة أصبحت غير موجودة إذ ألغيت من قاموس الدول الكبرى والإقليمية لذا كان طبيعيا أن تلغى من قاموس التنظيمات التي تقاتل داخل وسوريا ولا سيما عند أبواب دمشق.
لقد تحوّل الهدف الى إعادة التموضع في سوريا الكبرى تمهيدا للامركزية الإدارية الموسّعة التي ستنتهي بعد انتهاء مفاوضات جنيف، وفي هذه المرّة سيجلس الأصيل من الدول الإقليمية وليس البدلاء إلا من التنظيمات المعارضة المقبول وجودها على الطاولة.
“مصدر دبلوماسي”
ماذا عن ملّف الأكراد؟
اللواء شحيتلي:
سيخضع هؤلاء ايضا للامركزية الإدارية الموسّعة ضمن المناطق الكردية مع خضوعهم للسلطة المركزية.
“مصدر دبلوماسي”
كيف سيتأثر لبنان الذي يستضيف كتلة كبرى من النازحين السوريين يفوق عددها المليون ونصف مليون نازح، وهل سيعود هؤلاء الى الديار السورية؟ وهل يجوز التنسيق مع النظام السوري في هذا الملفّ؟
اللواء شحيتلي:
لا يمكننا كلبنانيين إلا الإعتراف بالنظام السوري الموحّد بغض النظر عن مشاعرنا تجاهه ويجب التعاطي مع الحكومة السورية بغض النظر عن معتقداتنا السياسية لأن حل هذا الملف يوجب التعاطي من دولة الى دولة وسؤال السوريين رسميا عن المناطق التي يمكن أن يعود إليها المهجّرون ونحن في القانون الدولي لا يمكننا أن نعيدهم بالباصات رغما عنهم، ولكن يمكننا تبليغ الأمم المتحدة بأن لبنان تبلّغ من الدولة السورية بأن ثمة مناطق آمنة في سوريا يمكن لهؤلاء العودة إليها، وهذا ما يرتّب على الأمم المتحدة قطع المساعدات العينية والمادية وعلى الدولة اللبنانية التعاطي مع من يبقون في لبنان ليس كنازحين أو لاجئين بل يتوجب عليهم أن يكونوا مزوّدين بإقامات شرعية. ومن ليست له إقامة يعطى مهلة لمغادرة لبنان والعودة الى دياره.