خاص- “مصدر دبلوماسي”
شبعا- مارلين خليفة
كان سفير الإمارات العربية المتحدة حمد سعيد الشامسي أوّل من تبرّع بالدم اليوم الخميس في أول يوم “عمل رسمي” لمستشفى “الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان”.
هذا المستشفى الذي شيّد في شبعا على تلّة تشرف على قرى العرقوب الحدودية الواقعة تحت “الرادار” الإسرائيلي في مزارع شبعا المحتلّة لم يكن ليرى النور لولا الجهود الحثيثة التي بذلتها سفارة الإمارات في لبنان بغية فتح أبوابه التي بقيت موصدة قسرا لأعوام. ولم يكن سكّان شبعا الذين توافدوا الى هذا المبنى الحديث ذي الطراز الهندسي العصري والمحاط بالحدائق ونوافير المياه والذي يتصدّره إسم رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والذين يعدّون 37 ألف نسمة يحلمون يوما بأن تنقذهم دولتهم من الحرمان الطبي الذي أودى أخيرا بإبن شبعا الشاب الوحيد بين 3 فتيات شاكر ماضي، الذي أطلق إسمه على قسم الطوارئ تخليدا لذكراه بحضور مؤثر لوالدته ساميا وشقيقاته الثلاث ورفاقه.
اليوم الأول من أيلول سنة 2016 دشّن الإماراتيون صرحا طبيا وعد السفير الشامسي بأن يكون الأكثر تطوّرا بل مرجعا طبيا في حديثه مع رئيس بلدية شبعا محمد صعب ومع رئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية أمين الداعوق وأعضاء مجلس الأمناء وبينهم الوزير السابق خالد قبّاني.
ولعلّ المثل الأبرز على تعطش أهالي المنطقة الى هذا المعلم الطبي تمثل بعشرات الملفات الطبية الصفراء التي تكدّست عند “سكرتاريا” العيادات الخارجية في اليوم الطبي المجاني والتي فاق عددها الـ150 ملفا في فترة قبل الظهر.
بات معروفا أن المستشفى الذي انتهى بناؤه منذ 8 أعوام وأوقف تشغيله قسرا دبّت الحياة في شرايينه بعد موت شاكر ماضي في تموز الفائت وإثر تحرّك مكوكي للسفير الإماراتي حمد الشامسي بغية وقاية آلاف المواطنين من الموت المحتّم الذي ينتظرهم على الطريق الى أقرب مستشفى في مرجعيون أو حاصبيا.
بلغت كلفة المستشفى 21 مليون دولار بالإضافة الى 10 ملايين دولار للتشغيل على 10 أعوام و4 ملايين دولار للمبنى السكني للأطباء ما يوازي 35 مليون دولار ( سينتهي في غضون عام) وسوف يستتبع المستشفى بمبنى مخصص للأطباء وضع حجر أساسه السفير الشامسي.
كانت الإبتسامة العريضة مرتسمة اليوم على وجوه الطاقم الطبي المقاصدي وعلى وجوه “الشبعاويين” وأهالي العرقوب وقد توافدوا للظفر بالنظرة الأولى على المبنى الذي بقي مهجورا لأعوام إلا من فرق الصيانة التي بقيت تعمل بصمت حفاظا على المعدّات التي كانت الأحدث منذ أعوام والتي تمّ استبدال بعضها لتواكب التطوّر الطبي.
تقول السيدة عدلا شاتيلا وهي مديرة عام العمليات في مستشفى المقاصد الخيرية الإسلامية بأن المستشفى الذي يعدّ حوالي الـ50 سريرا فضلا عن 12 عيادة خارجية سوف يجهّز بمختبر للفحوصات البسيطة الى قسم للأشعّة وقسم خاص بالعلاج الفيزيائي ولكنّ الأبرز بحسب شاتيلا يتمثل بحملات التوعية الصحية للأهالي والتي ستترجم بمحاضرات دورية توفّر الثقافة الطبية للعائلات.
لا تزال جمعية المقاصد تستكمل عملية التوظيف من أطباء وممرضين وموظفين والأولوية ستكون لأبناء شبعا والجوار.
أحد المرضى ويدعى بشار حمادة قال وهو ينتظر موعده :” أعاني من كسر في الرجل، وكنت أضطر لأن أقصد مركز الرحمة في بلدة القاطع أو الذهاب الى حاصبيا، لكنني اليوم أقصد “مستشفى الشيخ خليفة بن زايد” وإنني أشكر دولة الإمارات العربية المتحدة التي لم تتركنا في حين تركنا آخرون”.
جولة بين عبارات الشكر و”الأدعية”
جال السفير الشامسي في أرجاء المستشفى مطلعا على أقسامه ومتفقدا المرضى وتحدث الى الأطفال والكبار في السّن مصغيا الى طلباتهم وكانت أدعية كثيرة مؤثرة بالخير والصحة “لأبناء زايد” كما ردّد أكثر من شخص من الحاضرين.
وفي دردشة مع “مصدر دبلوماسي” قال السفير الشامسي بأنّ “مستشفى “الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان” يتميز بموقع إستراتيجي وسيقدّم الخدمات الطبية لمنطقة شبعا والعرقوب بشكل خاص وهو يقع في منطقة ذي كثافة سكانية تستقبل نصيبها من النازحين السوريين وهي بعيدة جغرافيا عن المدن الرئيسية ما أوجب الإلتفاتة إليها باهتمام خاص”.
وأشار الشامسي الى أنّه ” بعد حرب 2006 طلبت الحكومة اللبنانية إنشاء مستشفى، وتولت الإمارات هذه المهمّة وهي التي تولي اهتماما خاصا للشأنين الصحي والتعليمي اللذان يندرجان ضمن أولويات سياستها في المساعدات الإنسانية الخارجية. وجاء بناء “مستشفى الشيخ خليفة بن زايد” إستكمالا لمشروع نزع الألغام في الجنوب”.
ولفت السفير الشامسي الى أنّ “دولة الإمارات العربية المتحدة لا تفرّق بين المناطق ولا بين الطوائف اللبنانية وهي محطّ إعجاب الكثير من المنظمات الدولية للجهود التي تبذلها على أكثر من مستوى وفي العالم أجمع”.
وما هو المشهد الذي أثره في اليوم “الشبعاوي” الطويل وخصوصا وأن سكان شبعا والجوار أغرقوه بعبارات الشكر طالبين منه إيصال امتنانهم الى القيادة في الإمارات؟ يقول السفير الشامسي:” لقد كان المشهد مؤثرا جدّا، وتفاجأت بأعداد طالبي الإستشفاء الذين توافدوا الى المستشفى والذين تخطى عددهم الـ120 في الساعات الأولى من الإفتتاح وهو رقم كبير”. وكشف الشامسي أنه :” بدأ العمل في العيادات على مراحل بسبب حجم المستشفى، وقد شاهدنا اليوم أقساما عدّة فتحت أبوابها للأمهات والأطفال وللكبار في السن وهذا مشهد مؤثر ويشير الى حكمة قيادة الإمارات التي تبّنت هذا القطاع الطبي الذي يخدم الإنسان أينما كان ودون تمييز”.
وهل سيكون استثمار إماراتي في مجال التعليم وخصوصا في شبعا حيث المدرسة إبتدائية وأقرب مدرسة هي في مرجعيون؟ يقول السفير الشامسي:” إن القطاع التعليمي والتربوي هو من أولويات القيادة الإماراتية وخصوصا وأن عددا من المؤسسات التعليمية هو شبه مشلول بسبب افتقاره الى الدّعم، وفي شبعا لدينا اهتمام باالقطاع التعليمي كما الطبي وثمة مشروع سيرى النور في المستقبل بعد استكمال الدراسات”.
وتوقع السفير الشامسي أن ” يكون المستشفى مرجعا طبيا لمسشتفيات عدّة نظرا الى المعدات الحديثة التي تمّ تجهيزه بها ولأنه سيحظى بتوأمة مع مستشفيات عدّة في الإمارات العربية المتحدة والمعروفة بريادتها الطبية”.
مارلين خليفة