يعيد “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشره موقع لبنان 24 يوم السبت في 13 آب الجاري على الرابط الآتي:
http://www.lebanon24.com/articles/1471070974274892600/
مارلين خليفة
يواجه الإتفاق النووي الذي عقدته إيران مع دول مجموعة الخمسة زائد واحد عراقيل والتفافات أميركية جدية في شأن رفع العقوبات عن إيران والتي يتبيّن بعد مرور أكثر من عام على الإتفاق بأنها لم ترفع عمليا، حتى أن إيران لم تقبض مبلغ الـ200 مليار دولار المجمّدة في أكثر مصرف في العالم بفعل قوانين أميركية داخلية أبرزها صادرة عن المصرف المركزي الأميركي. كذلك فإن المصارف اللبنانية التي أعرب البعض منها عن الرغبة في الإنفتاح على المصارف الإيرانية تواجه بدورها تهديدا بعقوبات أميركية في حال فعلت ذلك دون موافقة البنك المركزي الأميركي.
ولعلّ هذا الواقع الذي لم يتمّ تظهيره إعلاميا بشكل واسع بعد يشرح تصريحات إيرانية مختلفة عن “انعدام الثقة” مع الولايات المتحدة الأميركية التي تمكّنت من خلال قوانين خاصة وداخلية من عرقلة تنفيذ رفع العقوبات عن إيران وتحرير أموالها في مصارف العالم.
يحاول الأميركيون بحسب أوساط دبلوماسية مطلعة على ملف العلاقات الأميركية-الإيرانية الضغط على الإيرانيين للتفاوض معهم حول “سلّة إستراتيجية واحدة” تضمّ ملفّات بارزة أبرزها: سوريا والعراق وأفغانستان والصواريخ الباليستية. وإذا كان الدور الإيراني في سوريا والعراق معروفا فإنه يكتسب في أفغانستان أهمية قصوى لأنه يعرقل خططا إستراتيجية على مستوى المصالح الأميركية. فموقع أفغانستان إستراتيجي بحيث تحدّها روسيّا من الجنوب والصين من الغرب وإيران من الشرق ما يدفع الولايات المتحدة الأميركية الى العمل لتكون الحكومة الأفغانية في قبضتها ولإنشاء قواعد عسكرية موجودة لكنّها ليست فاعلة وقوية كما في سائر البلدان.
الى ذلك تريد الولايات المتحدة السيطرة على أفغانستان بغية تصدير الغاز من آسيا الوسطى الى الجنوب وصولا الى المحيط الهندي، كما تطمح لأن تشكّل قواعدها العسكرية مستقبليا تهديدا للصين ولروسيا ولإيران معا.
لكنّ الدور الإيراني هناك عرقل الجهود الأميركية وباتت أفغانستان بقعة متنازع عليها من أكثر من فريق دولي. أما الصواريخ الباليستية الإيرانية فإن الإتفاق النووي لم يشملها في حين تريد الولايات المتحدة الأميركية تفكيكها كليا.
لكن كيف فككت الولايات المتحدة الأميركية تنفيذ رفع العقوبات عن إيران؟
يفرض البنك المركزي الأميركي ضغطا مباشرا على المصارف الأميركية والأوروبية وحتى اللبنانية مهددا بوقف التعاون معها في حال تعاملت مع مصارف إيرانية، علما بأن هذا الضغط ليس خاضعا لعقوبات منصوص عنها فعليا.
ومن العوائق التي اكتشفها الإيرانيون رفض المصارف الغربيّة التعامل مع نظيرتها الإيرانية قبل الإلتزام بالقوانين الأميركية ومن ضمنها رفع السرية المصرفية وتسليم “داتا” الزبائن الموجودين عندها وكل ما له علاقة بالمودعين وحجم المبالغ التي يقتنونها، وهذا ما تعتبره إيران إنتقاصا من سيادتها وترفض العمل به.
ومن الضغوط الأميركية التي يعاني منها رجال الأعمال الراغبين بالإستثمار في إيران إرغام هؤلاء على تجديد تأشيرة الدخول الأميركية أو “الغرين كارد” في حال سافروا الى إيران.
وتعزو الأوساط الدبلوماسية هذا الضغط الأميركي على إيران الى خلافات أميركية داخلية بشأن الإتفاق النووي الذي أبرم، فضلا عن ضغوط من الدول الخليجية الى ضغوط من اللوبي الإسرائيلي الى حواجز تقنية منعت مثلا تحرير الـ200 مليار دولار المستحقة لإيران، إذ تبين أن ثمة قوانين أميركية داخلية اتخذتها الوزارات المختلفة في حق إيران على مدى أعوام تمنع تحرير هذه الأموال ونقلها عبر المصارف، وهذه القوانين خاصة ويتم اكتشافها من قبل الإيرانيين يوميا ومنها على سبيل المثال لا الحصر منع أحد هذه القوانين شراء الفستق والسجاد من إيران!
مارلين خليفة