مارلين خليفة- “مصدر دبلوماسي”
قال السفير الفرنسي إيمانويل بون لـ”مصدر دبلوماسي” بأن “الرسالة الرئيسية التي وجهها وزير الخارجية جان-مارك إيرولت في لقاءاته اللبنانية على مدى يومين تلخّص في أنه ينبغي على المسؤولين اللبنانيين تحمّل مسؤولياتهم بغية إنهاء الإنسداد السياسي الموجود في لبنان”. ولفت بون “الى أن فرنسا معنية بالتأكيد بمساعدة لبنان للخروج من عنق الزجاجة، لكنّها لن تتدخّل بشكل مباشر في الشؤون الداخلية اللبنانية ولن تلعب أكثر من دور المسهّل وهذا جلّ ما يمكن أن تقوم به”.
ولفت بون الذي رافق رئيس الدبلوماسية الفرنسية أمس في زياراته الى البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى أن بلاده” ستستمر في العمل الدؤوب لمساعدة لبنان”.
وعن اللقاء مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي قال بون:” كان لقاء مثيرا للإهتمام، وقد تطرّقنا بطبيعة الحال الى موضوع الإستحقاق الرئاسي وضرورة السعي لانتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن، وتناولنا دور المسيحيين في الشرق وهو موضوع رئيسي بالنسبة الى فرنسا لأن الحفاظ على الدور المسيحي يساعد في الحفاظ على التعددية والتنوع في هذه المنطقة”.
وعن موعد إجتماع المجموعة الدولية من أجل لبنان قال بون بأن “اجتماعها أكيد لكن الموعد سوف يحدّد قريبا وسيكون بالأمر المفيد للبنان”.
وكان الوزير الفرنسي أنهى مساء أمس لقاءاته السياسية بمؤتمر صحافي عقده في “قصر بسترس” مع نظيره اللبناني جبران باسيل.
أبرز ما جاء في كلمة باسيل:
موضوع اللاجئين
“يواجه لبنان اليوم تحديا وجوديا، ويدعو إلى تعبئة كل الإرادات، لتطبيق الحل الدائم الوحيد لهذه الأزمة وهو ضمان عودة النازحين الآمنة إلى وطنهم. وفي هذا السياق، ذكرنا بأن أي مشروع يرمي إلى إدماج اللاجئين أو النازحين في لبنان محظور في دستورنا ومرفوض من شعبنا. لقد باتت أوروبا اليوم تواجه تحدي الهجرة الذي يهدد بإيقاظ شياطين الهوية القديمة: لقد أثبت نموذج الإندماج الأوروبي محدوديته في ما يتعلق بالرعايا الأوروبيين وحدهم، ويبدو من الوهم أن يتمكن من استيعاب موجات الهجرة الوافدة من خارج أوروبا. أما لبنان فقد استنفد قدرته الاستيعابية، ونرى أنه من المحق دعوة كل الدول إلى تطبيق مبدأ التضامن الدولي مع بلدنا، وتكريس جزء كبير من مساعداتها لمؤسساتنا العامة. وهنا أيضا، نقر بقدرة فرنسا على لعب دور يمكن أن يكون رئيسيا في ما لو تولت قيادة الجهود الدولية لصالح عودة اللاجئين إلى بلدانهم.
الإرهاب
قال باسيل: “يبقى التحدي الأكثر خطورة متمثلا في التمدد السريع للتنظيمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة ومثيلاتها. الإرهابي هو إرهابي. ليس هناك في نظرنا من إرهاب معتدل. في هذا الإطار، لحظنا تصريحات الرئيس هولاند في وارسو الذي دعا، على أثر الأحداث التي تبنتها “داعش” إلى عدم تجاهل خطر “جبهة النصرة”. إن هؤلاء الإرهابيين تعميهم إيديولوجيات بائدة وتدعمهم خلسة كيانات وأنظمة أو دول معاصرة حتى باتت تمثل تهديدا عالميا وتتطلب ردّا دوليا. يقف لبنان واللبنانيون اليوم ولا سيما الجيش اللبناني في طليعة هذه المعركة ونشكر لفرنسا دعمها الاستراتيجي”.
شلل المؤسسات
تابع باسيل: “تضاف إلى هذا الكمّ من التحديات عوائق مؤسسية تشل لبنان. إن لبنان القوي وحده قادر على مواجهة هذه التحديات. إن لبنان المستقر وحده قادر على المساهمة في تأمين الاستقرار في المنطقة. يجب أن تنعكس قوة مؤسساتنا في انتخاب رئيس قوي للجمهورية يستمد قوته من الشرعية الشعبية. كما تترجم قوة مؤسساتنا من خلال تشكيل حكومة فعالة وشاملة تعمل في خدمة شعبنا ومن خلال برلمان يمثل تنوع مجتمعنا ويضمن المساواة بين المسيحيين والمسلمين اللبنانيين في ممارسة السلطة. لا نزال على قناعة بأن تنوعنا هو جزء من هويتنا ومصدر غنى ينبغي أن نحافظ عليه تمكينا لنا من الاستمرار في حمل رسالة التسامح والإنسانية التي تمنح لبنان رمزية خاصة بين الدول (…).
إيرولت
بدوره تحدّث إيرولت عن 3 تحديات يواجهها لبنان.
التحدي الأمني، قال: واجه لبنان تماماً، كما نواجه نحن التهديد الإرهابي وهو تهديد كبير، وقد كان لبنان ضحية لبعض الأعمال الارهابية وإنّ تعداد المآسي لا يمكن أن ينتهي. لقد قمت بنقل رسالة الى الكتيبة الفرنسية العاملة في قوّات “اليونيفيل” في جنوب لبنان عندما زرتها مفادها أنّ فرنسا كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن تتعهّد بأن تستمر بالتزامها في هذه القوّة التي تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على الأمن والاستقرار في الجنوب بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 1701. إنّ القوى التي تصارعت في العام 2006، تتحمّل مسؤولية ما جرى، وقد علمت أيضاً بأنّ الجيش اللبناني موجود في الجنوب مع “اليونيفيل”، ولكن علينا أن نعمل معاً من أجل السلام. ولقد شدّدت وأعدت التأكيد على ضرورة دعم المؤسسات الأمنية في لبنان ولا سيما الجيش اللبناني، جيش الجميع الذي يجمع، وكما قال الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للبنان “سوف نقوم بكلّ ما في وسعنا لتقديم المساعدة على أعلى المستويات“.
تحدّي اللاجئين، وقال إيرولت بشأنه:
” يواجه لبنان تحديات أخرى فيما يتعلّق بتداعيات الأزمة السورية، والعدد الكبير للاجئين، ولا يتحمّل أي بلد في العالم ما يتحمّله لبنان، وسوف يتمّ التخصيص للبنان نصف مبلغ المئتي مليون يورو الذي تقدّمه فرنسا للدول المجاورة لسوريا من أجل إنشاء مركز للعناية باللاجئين، والهدف الرئيسي من ذلك هو عودتهم الى بلادهم”، وسوف يتمّ تطبيق هذا المشروع من قبل المنظمات اللبنانية غير الحكومية. كما يهدف الى تأمين المساعدات للمحتاجين في كلّ من سوريا والعراق ولبنان”.
أضاف إيرولت: إنّ فرنسا ملتزمة بإعادة استقبال 3000 لاجىء سوري خلال العام المقبل على ارضها، ونحن في طور دراسة الملفات من اجل التسريع بإستقبال هؤلاء باسرع وقت وفي أفضل الظروف الممكنة (…).
الأزمة السياسية في لبنان
أما التحدي الثالث فهو الأزمة السياسية التي يعاني منها لبنان، فأشار الوزير الفرنسي:
” إننا الى جانب لبنان من أجل مساعدتكم على الخروج الأزمة السياسية التي تشلَ البلاد، وأنتم ترون الاثر السلبي الحاصل عندكم منذ سنتين وذلك نتيجة الفراغ في سدة الرئاسة. إن الدعم للمؤسسات الديمقراطية يُشكّل أيضاً ركناً أساسياً لعملنا في لبنان بما فيها دعمنا لرئاسة الجمهورية. ونحن نحاول إيجاد الظروف الملائمة للخروج من هذه الأزمة من خلال علاقاتنا مع شركائنا، وقد وحاولنا أكثر من مرّة مع الدول المجاورة وأذكر على وجه التحديد إيران والمملكة العربية السعودية، من أجل إيجاد حلّ سياسي، ولا يمكن لفرنسا أن تتخذ القرار بدلاً من اللبنانيين ولا يمكنها التدخّل في الشؤون اللبنانية، وعلى كلّ شخص أن يضطلع بمسؤولياته، وهذه هي الرسالة التي نقلتها، وآمل أن تكون قد وقعت على آذان صاغية، لما فيها من مصلحة للبنان ومؤسساته والنموذج اللبناني الذي يجب أن يحترم وفرادته في هذه المنطقة، ولا بدّ من الحفاظ عليه كونه نموذجاً فريداً للتعايش بين أبناء الوطن في المنطقة. إنّ الخروج من هذه الأزمة يُشكّل أولوية ديبلوماسية بالنسبة لنا في الاشهر المقبلة، وآمل أن تجتمع مجموعة الدعم الدولية باسرع وقت ممكن وذلك تنفيذاً للمبادرة الفرنسية، على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة أو في وقت أخر، من أجل إيجاد حلّ لإعطاء أمل جديد ودفع مهم للبنان والشعب اللبناني“.