مقالات مختارة
مجلة “الامن العام”
مارلين خليفة
أجّجت التعديلات التي ادخلها قرار مجلس الامن الدولي الرقم 2650 (آب 2022) على عمل قوات “اليونيفيل” الميداني السجال في لبنان وطرحت علامات استفهام عن دوافعه، بحيث أقرّ مجلس الامن دولي للمرة الاولى وبشكل لا لبس فيه ان “اليونيفيل” لا تحتاج الى اذن مسبق ومن اي جهة للاضطلاع بالمهام الموكلة اليها، وانه يسمح لها باجراء عملياتها بشكل مستقل، ودعا الاطراف الى ضمان حرية حركة “اليونيفيل” بما في ذلك السماح لها بتسيير الدوريات المعلنة وغير المعلن عنها.
أقرّ مجلس الامن الدولي القرار الجديد الذي قدمته فرنسا باجماع الاعضاء الـ15 دون استثناء، وذلك بموجب القرار 1701 (2006) ما ادى الى ردود فعل شاجبة من قبل الاطراف اللبنانية المعنية. واصدر المكتب الاعلامي لقوات “اليونيفيل” في 13 ايلول الفائت بيانا للتهدئة اشار فيه الى ان” حفظة السلام التابعين للبعثة يواصلون التزامهم بالامن والاستقرار في جنوب لبنان ويواصلون دعم الناس الذين يعيشون هنا”. واشار الى انه “لطالما كان لـ”اليونيفيل” تفويض للقيام بدوريات في منطقة عملياتها، مع او بدون القوات المسلحة اللبنانية. ومع ذلك، تستمر انشطتنا العملياتية، بما في ذلك الدوريات، بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية، حتى عندما لا يرافقوننا”. ولفت:”نحن نعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بشكل يومي وهذا لم يتغير”.
قبل ذلك بايام، كانت التهديدات المتبادلة بين “حزب الله” واسرائيل في اوجها على خلفية الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية وعدم بدء الشركات الاجنبية بالتنقيب في المياه اللبنانية. وفي حوار مع الامن العام يقرّ رئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام اللواء آرولدو لاثارو ساينز بان اي زعزعة للاستقرار بحرا سينعكس برا.

ان استمرار دعم المجتمع الدولي ومساعدته للقوات المسلحة اللبنانية على الارض والبحر له اهمية حيوية
لاثارو ساينز وهو اسباني الجنسية تسلم مهامه في شباط الفائت، وفي اجتماع اللجنة الثلاثية في 11 آب الفائت وهي الاطار الذي يجمع منذ العام 2006 كبار ضباط الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي في موقع الامم المتحدة في رأس الناقورة، ركز قائد “اليونيفيل” على الحوادث على طول الخط الازرق والانتهاكات المستمرة للمجال الجوي، بالاضافة الى التطورات والقضايا الاخرى المتعلقة بقرار مجلس الامن الدولي رقم 1701 والقرارات الاخرى ذات الصلة.
واشار اللواء لاثارو الى ان انخراط الاطراف من خلال آلية الارتباط والتنسيق التي أنشأتها “اليونيفيل” قد ساهمت في منع اي تصعيد على طول الخط الازرق.
في سياق معالجة الحوادث على طول الخط الازرق، حث القائد العام لـ”اليونيفيل” كلا الطرفين على تجنب اي عمل من شأنه ان يعرّض وقف الاعمال العدائية للخطر قائلا: “لا ينبغي اعتبار استقرار الخط الازرق امرا مفروغا منه، ان الخطاب العدائي يؤدي الى تصعيد التوتر ويزيد من الشعور بالتوجس بين السكان المحليين”.
في حواره مع الامن العام، يتطرق اللواء لاثارو ساينز الى كافة هذه الاشكاليات الخطرة، وفي نبذة عنه انه تم تعيينه من قبل الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيرس في شباط الفائت. وللواء آرولدو لاثارو ساينز سيرة مهنية رفيعة وخبرة واسعة في الجيش الاسباني، وكان يشغل منصب مستشار وزير الدفاع لشؤون الدفاع والامن. خدم منذ العام 2000 في مقر “يورو فورس” في فلورنسا، وفي فيلق حلف شمالي الاطلسي السريع الانتشار في فالنسيا (اسبانيا)، وخدم ايضا في اللواء الاسباني “غوزمان إل بوينو” في قرطبة من ضمن 3 تكليفات: قائدا للواء، قائدا للفوج ورئيسا للاركان.
يتمتع اللواء لاثارو ساينز بخبرة دولية واسعة وقد تم ايفاده الى عدة عمليات حفظ السلام: 3 جولات في البوسنة والهرسك تحت قيادة الامم المتحدة (قوة الحماية) وحلف شمال الاطلسي (قوة تحقيق الاستقرار) والاتحاد الاوروبي (يوروفورس)، بالاضافة الى 3 جولات إضافية في اليونيفيل بصفته ضابط ارتباط للقطاع الشرقي في العام 2011، ثم رئيسا لاركان القطاع في 2013، قبل ان ينتقل الى قيادة القطاع في العام 2016.
اللواء لاثارو ساينز هو خريج الاكاديمية العسكرية العامة وكلية الاركان العامة للجيش الإسباني ولديه تدريب اكاديمي في مجال الدبلوماسية والسلام والامن. بالاضافة الى الاسبانية يتحدث اللواء لاثارو ساينز الانكليزية والفرنسية والايطالية.
*حضرة اللواء، ترأست اجتماعا ثلاثيا مع كبار الضباط من القوات المسلحة اللبنانية وجيش الدفاع الاسرائيلي في موقع الامم المتحدة في رأس الناقورة في آب الماضي لمعالجة الحوادث على طول الخط الازرق وحثثت كلا الطرفين على تجنب اي عمل من شأنه تعريض وقف الاعمال العدائية للخطر وقلت انه “لا ينبغي اعتبار استقرار الخط الازرق امراً مفروغا منه، والخطاب العدواني يزيد من حدة التوتر ومن الشعور بالخوف لدى السكان المحليين”، هل تتوقع تصعيدا في الجنوب؟
– على الرغم من بعض الخطابات الاخيرة التي اشرت اليها في تعليقاتي الموجهة الى ممثلي الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، فان الوضع الحالي في منطقة عملياتنا لا يزال مستقرا بشكل عام. يواصل جنود حفظة السلام التابعين لـ”اليونيفيل” القيام بمهامهم بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية للحفاظ على الامن والاستقرار وللمساعدة في نزع فتيل التوترات التي قد تنشأ. بالطبع، نحن دائما نحمل دقة مرهفة ازاء التطورات على طول الخط الازرق ونقوم بمراقبة ومتابعة اي قضايا من المحتمل ان تزيد من نطاق سوء الفهم. كما هي الحالة دوما، نحث جميع الجهات الفاعلة على تجنب فعل اي امر يمكن ان يزيد التوترات. انا ممتن للاطراف ولالتزامهم بالاستقرار، وآمل ان يستمر هذا الموقف البنّاء وكذلك التزامهم بتعهداتهم في تنفيذ قرار مجلس الامن 1701 وكما هو مذكور بوضوح ومطلوب بوضوح في القرار رقم 2650.
* قام مجلس الامن الدولي بتمديد تفويض “اليونيفيل” في 31 آب الفائت لمدة عام واحد، مع كل تجديد للتفويض يطلب مجلس الامن من “اليونيفيل” اداء بعض المهام الداعمة الاضافية، ما هي المهام الجديدة للقرار 2650؟ وخصوصا وان هذا القرار يتضمن فقرة تمنح القوات الدولية حرية اجراء عمليات التفتيش والدوريات داخل منطقة عملياتها دون الحاجة الى اذن مسبق او مؤازرة من الجيش اللبناني؟ هذا امر اعترض عليه لبنان باستمرار.
– دعيني اكون واضحا. طالما تمتعت “اليونيفيل” بتفويض للقيام بدوريات بشكل مستقل في منطقة عملياتها، مع الجيش اللبناني او بدونه. ومع ذلك، تستمر انشطتنا العملياتية بما في ذلك الدوريات بالتنسيق مع الجيش اللبناني حتى عندما لا يرافقوننا.
تم التأكيد على حرية تنقلنا في قرارات مجلس الامن التي جددت ولاية “اليونيفيل” بما في ذلك القرار 1701 في عام 2006 واتفاقية وضع قوات “اليونيفيل” الموقعة في العام 1995.
نحن نعمل بشكل وثيق مع الجيش اللبناني يوميا وهذا لم يتغير. لن تروا جنود حفظة السلام التابعين لـ”اليونيفيل” يقومون بشكل صارم بتنفيذ أنشطة مختلفة عما فعلناه في الماضي.
سنواصل عملنا للحفاظ على الامن والاستقرار في جنوب لبنان ودعم الناس الذين يعيشون هنا.
قرار مجلس الامن الجديد 2650 هو قرار صادر عن مجلس الامن بناء على طلب الحكومة
على لبنان تمديد ولاية “اليونيفيل” والتذكير بضرورة ضمان جميع الاطراف ان يكون افراد اليونيفيل آمنون وحريتهم في الحركة محترمة بالكامل ودون اية عوائق.
* هل يمكنكم تنفيذ هذا القرار ميدانيا مع العلم بأن الجميع يعلم أنه يسبب مشاكل وله تداعيات سلبية؟
– كما سبق وقلت نحن نعمل يوميا بشكل وثيق مع الجيش اللبناني وستستمر انشطتنا كما كانت في الماضي. بالرغم من أننا شهدنا بعض الحوادث العنيفة للاسف في الماضي الا اننا لم نعد نراها في الاشهر الاخيرة، لحسن الحظ.
يتم تسيير اكثرية الدوريات في مناطق عملياتنا دون وقوع حوادث. هذا دليل على العلاقات القوية التي نتمتع بها في الجنوب والثقة التي بنيناها على مدى اكثر من اربعة عقود.
* تنسّق “اليونيفيل” مع الجيش اللبناني واخيراً واجه هذا التنسيق صعوبات بسبب الاوضاع الاقتصادية التي طالت الجيش، كيف انعكس ذلك على الدوريات المشتركة؟
– لقد خلق الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان مصاعب لم يسلم منها الجيش اللبناني. نحن نعلم ان القوات المسلحة كمؤسسة والجنود انفسهم ليسوا محصنين حيال ما يحدث. نتيجة لذلك كان لدينا عدد اقل من الانشطة المشتركة مع الجيش اللبناني مع تقدم الازمة.
اعترف مجلس الامن بهذا التحدي عندما اعتمد القرار 2591 وطلب من “اليونيفيل” اتخاذ “تدابير مؤقتة وخاصة” لدعم القوات المسلحة اللبنانية بالمواد الاساسية مثل الادوية والوقود والغذاء واللوجستيات لمدة ستة اشهر. لقد سررنا بدعم الجيش اللبناني كما يدعمنا الجيش اللبناني في عملنا هنا في جنوب لبنان. ويسعدنا ان مجلس الامن قد جدد طلب هذا الدعم بالقرار 2650.
كان لهذا الدعم تأثير ايجابي حيث ارتفع عدد الأنشطة التي نفذتها “اليونيفيل” بالتنسيق الوثيق مع القوات المسلحة اللبنانية من 13.8 في المئة في تموز 2021 الى اكثر من 19 في المئة في حزيران من هذا العام. لقد شهدنا بشكل خاص زيادة في دوريات المركبات المشتركة بفضل توفير الوقود.
* في ظل التوتر الشديد ومناورات عسكرية هل اتخذتم الاحتياطات اللازمة ورسمتم خطة متكاملة لدور “اليونيفيل”؟ هل ستبقى اليونيفيل في الجنوب؟ ام تنوون الانسحاب الكامل من لبنان؟
– دورنا محدد في تفويضنا وهو لم يتغير. جنود حفظ السلام التابعون لـ”اليونيفيل” ملتزمون بالاستقرار في الجنوب وسنبقى هنا طالما لدينا التفويض الممنوح لنا من قبل مجلس الامن بناء على طلب الحكومة اللبنانية.
*الهدف النهائي لقوة “اليونيفيل” البحرية هو السماح للقوات البحرية اللبنانية بتولي مهامها بمفردها في المستقبل متى يمكن ان يحدث ذلك؟
– الهدف طويل الامد لـ”اليونيفيل” هو نقل المسؤوليات تدريجيا الى القوات المسلحة اللبنانية بحيث تتولى السيطرة الامنية الكاملة والفعالة على منطقة عمليات “اليونيفيل” والمياه الإقليمية اللبنانية وفقا للقرار 1701.
كانت القوة البحرية التابعة لنا نشطة للغاية في العمل بالتنسيق الوثيق مع البحرية اللبنانية في تقديم المساعدة الفنية ومشاركة الخبرات والدورات التدريبية على اساس منتظم.
من الضروري في هذا الصدد ان تحصل القوات المسلحة اللبنانية على الموارد الفنية والمادية التي تحتاجها للوفاء بمسؤولياتها الحيوية. ولذلك فإن استمرار دعم المجتمع الدولي ومساعدته للقوات المسلحة اللبنانية على الارض والبحر لهما اهمية حيوية.
* ماذا عن ترسيم الخط الازرق؟
– بعد الحرب في العام 2006، اتفقت اسرائيل ولبنان على تحديد الخط الازرق بشكل واضح (المسمى رسميا “خط الانسحاب”) على الارض والذي كان ممكنا بفضل المشاركة الايجابية لكلا الطرفين في جهود “اليونيفيل” من من خلال القنوات الثنائية والثلاثية.
وبالتنسيق مع الطرفين، تواصل “اليونيفيل” تنفيذ الاعمال الهندسية اللازمة على طول الخط الازرق بما في ذلك الحفاظ على ما يقرب من 300 علامة بالخط الازرق. هذا مهم لضمان الامن لاولئك الذين يعيشون في الجوار وتجنب اي عبور غير مقصود للخط.
ما زلت احث الاطراف في كل مناسبة على المضي قدما في تعليم الخط الازرق بكامله وحلّ نقاط الخلاف. وكرر مجلس الامن ذلك في آب 2022 عندما جدد ولايتنا.
* ماذا عن الاراضي المحتلة ومزارع شبعا ومسألة قرية الغجر؟ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اثار هذه القضايا في كلمة قال فيها ان هذه الاراضي لا يجب نسيانها؟
– هذه قضية طويلة الامد. اسرائيل ملزمة بالانسحاب من شمال قرية الغجر والمنطقة المجاورة شمال الخط الازرق وفقا للقرار 1701.
انخرطت “اليونيفيل” بشكل مكثف مع الطرفين في مناقشات ثنائية حول الترتيبات الامنية لمواكبة تنفيذ الاقتراح لتسهيل انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة الذي لا يزال يمثل انتهاكا دائما لقرار مجلس الامن 1701.
ما زلت احث السلطات الاسرائيلية على اتخاذ خطوات للانسحاب والوفاء بالتزاماتها بموجب القرار 1701.
* التوتر البحري الذي يشهده لبنان واسرائيل في الآونة الاخيرة بسبب الخلاف على ترسيم الحدود البحرية هل هو في نطاق مهام “اليونيفيل”؟ وكيف يتم التعامل معه؟
-ترسيم الحدود البحرية ليس جزءا من تفويض “اليونيفيل”. ان تحديد مكان الحدود هو حق سيادي للبنان واسرائيل وهذا امر يجب ان يقرراه بأنفسهما.
ومع ذلك، يظل الامن على الجبهة البحرية مصدر قلق لنا كحفظة سلام لان اي احتمال صراع في البحر يقود حتما الى احتمال صراع في البر.
وعلى هذا النحو فاننا نؤيد التوصل الى نتيجة ايجابية وسلمية للمفاوضات. في تشرين الاول 2020 قدمت “اليونيفيل” الدعم اللوجستي لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية وخصوصا في تسهيل توفير مكان آمن في احد مواقعنا العسكرية لاجراء المفاوضات. جرت هذه المفاوضات في تشرين الاول 2020 وايار 2021.
نواصل العمل مع لبنان واسرائيل من خلال القنوات الثنائية والثلاثية على حد سواء لتخفيض التوترات وتقليل احتمال وقوع حوادث في البر وفي البحر يمكن ان يعرض وقف الاعمال العدائية للخطر.

Marlene Khalifeh
Marlene Khalifh, a Lebanese journalist. She worked for a period of twelve years in An-Nahar” newspaper before moving to “As-Safir” were she spent ten years as a diplomatic reporter. Between these two periods, Mrs. Khalifeh published many articles in the Al Hayat” and “Al Riyad” newspapers, “Al Wassat” and “Newsweek Middle East” magazines.
She created her own website “Masdar diplomacy”,on the 11th of July 2016 focusing on diplomatic activities in Lebanon and the Middle East.
After attending many training courses in a number of European, American, and English institutions, she specialized in investigative journalism. Her hard work paid off when she was awarded, twice (in 2004 and 2005), with the “investigative journalist” prize by the Commonwealth (in Jordan) among four Arab participating countries. Afterwards, she focused her attention on the politic and diplomatic press training and research on fact checking.